بناء شخصيات متميزة إبداعٌ في المؤسسات .. (الجزء الأول)
غزلان بنت علي البلوشية
في عالَم الأعمال المعاصر، يُعتبر رأس المال البشري من أهم الأصول التي تمتلكها أيّ مؤسسة. ولكي تتمكن المؤسسات من تحقيق النجاح والتميّز، يجب أن تركز على بناء شخصيات موظفيها وتمكين إمكانياتهم، فضلاً عن تشجيع الإبداع والابتكار. اختياري لهذا الموضوع ينبع من إيماني العميق بأن الأفراد هم الأساس الحقيقيّ لأيّ نجاح مؤسسيّ، وأن الاستثمار في تطويرهم يعكس رؤية مستقبلية مستدامة. كما قال بيتر دراكر، أحد أعظم علماء الإدارة: “الإدارة هي تطوير الناس، وليس مجرد إدارة الأعمال” .
في هذا المقال نستعرض كيف يمكن للمؤسسات بناء شخصيات متميزة، وتمكين الإمكانيات، وصنع أفراد ذوي قدرات إبداعية.
تعريف علم النفس الإداري:
علم النفس الإداري هو دراسة كيفية تأثير العوامل النفسية على سلوك الأفراد في المؤسسات، وكيف يمكن استخدام هذه المعرفة لتحسين الأداء التنظيمي. يُعنى هذا المجال بفهم الدوافع، والعواطف، والميول التي تؤثر على تصرفات الموظفين، ومن ثم تطبيق هذه المعرفة لتحسين البيئة العملية وزيادة الإنتاجية. كما قال أبراهام ماسلو، عالم النفس الشهير: “ما يمكن أن يكون عليه الإنسان يجب أن يكون؛ يجب على الإنسان أن يسعى لتحقيق إمكانياته”.
فهم الشخصية المؤسسية
واهميتها:
في قلب كل مؤسسة ناجحة تكمن شخصيات موظفيها، حيث تشكّل هذه الشخصيات جوهر الأداء العام للمؤسسة. تؤثر شخصية الفرد على كيفية تعامله مع المهام اليومية، وتفاعله مع زملائه، وقدرته على التكيف مع التحديات. كما قال وارن بافيت، رجل الأعمال الشهير: “لا يمكن تحقيق سمعة جيدة بعمل ضخم، بل يتحقق ذلك بالعمل الجيد المستمر”. يشير هذا إلى أن الشخصية تؤدي دوراً أساسياً في بناء سمعة المؤسسة وتحقيق استدامة نجاحها.
الشخصية المؤسسية لا تتعلق فقط بكيفية تفاعل الموظفين مع بعضهم البعض، ولكنها تشمل أيضاً القيَم والأخلاقيات التي يلتزمون بها. فالشخصية القوية والمؤثرة تساهم في خلق بيئة عمل إيجابية، مما يعزز من إنتاجية الفريق ويحفّز الجميع على تقديم أفضل ما لديهم.
التوازن بين الشخصيتين الفردية والمؤسسية:
الحفاظ على التوازن بين الشخصية الفردية والشخصية المؤسسية هو تحدٍ يتطلب مهارات إدارية متقدمة وفهماً عميقاً للطبيعة البشرية. وكما قال كارل يونغ، عالم النفس الشهير: “الرجل الذي لم يعبّر عن ذاته بالكامل ليس إنساناً حقاً”. يشير هذا إلى أهمية أن يشعر الأفراد بالحرية في التعبير عن ذواتهم الحقيقية داخل بيئة العمل.
استراتيجيات تحقيق التوازن:
1.تشجيع التنوع والقبول: يجب أن تشجع المؤسسات على التنوع وتقبّل الشخصيات المختلفة. عندما يشعر الموظفون بأنهم مقبولون كما هُم، يصبحون أكثر اندماجاً وإنتاجيةً. يقول ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة فيرجين: “الموظفون هم أعظم أصولك. عليك أن تستثمر فيهم لأنهم من يجعلون عملك ناجحاً”.
2.توفير فرص النمو والتطوير:
تمكين الموظفين من خلال توفير فرص مستمرة للنموّ والتطوير يساعدهم في اكتشاف إمكانياتهم الكاملة وتطبيقها في العمل. كما قال أبراهام ماسلو: ما يمكن أن يكون عليه الإنسان يجب أن يكون؛ يجب على الإنسان أن يسعى لتحقيق إمكانياته.
3.التواصل الفعال:
التواصل الفعال والمفتوح بين الإدارة والموظفين يعزز من الشعور بالانتماء والاندماج. من خلال الاستماع إلى ملاحظات الموظفين وأفكارهم، يمكن للمؤسسات تحقيق توازن أفضل بين الأهداف الفردية والمؤسسية. قال سايمون سينك، مؤلف وخبير القيادة: التواصل هو القدرة على سماع ما لا يقال.
4.القيادة التحفيزية:
القادة الملهمون يمكنهم تحقيق هذا التوازن من خلال تعزيز القيم المشتركة ودعم الموظفين في رحلتهم نحو النجاح الشخصي والمؤسسي. إنهم يشجعون على الابتكار ويحتفلون بالإنجازات الفردية والجماعية، مما يخلق بيئة عمل مشجعة ومحفزة.
باختصار، فهم الشخصية المؤسسية وتحقيق التوازن بين الشخصية الفردية والشخصية المؤسسية هو أمر حيوي لنجاح أي مؤسسة. من خلال تشجيع التنوع، وتوفير فرص النمو، والتواصل الفعال، والقيادة التحفيزية، يمكن للمؤسسات بناء فِرق عمل قوية ومتميزة قادرة على تحقيق أهدافها بكفاءة وإبداع. وكما قال ستيف جوبز، مؤسس شركة Apple: الابتكار هو ما يميز القائد عن التابع.
تمكين الإمكانيات وتعزيز الإبداع:
تمكين الموظفين يعني تزويدهم بالأدوات والمعرفة والفرص اللازمة لتحقيق أقصى إمكانياتهم. يتطلب هذا فهماً عميقاً لإمكانيات كل فرد وتوفير الدعم المستمر لتطوير هذه الإمكانيات. بالإضافة إلى ذلك، فإن بيئة العمل التي تشجع على الإبداع والابتكار تسهم في بناء شخصيات متميزة. حيث يتحقق ذلك من خلال تحفيز التفكير النقدي، وتقديم فرص للتعلم والتطوير المستمر، وتبنّي ثقافة تشجع على تجربة الأفكار الجديدة.