دور الاحتياطي القانوني في تعزيز الضمانات العامة لدائني الشركة محدودة المسؤولية
د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المشارك
قسم الحقوق – كلية الزهراء للبنات – مسقط
salim-s@zcw.edu.om
يمثل رأس المال في الشركة محدودة المسؤولية (ش.م.م) أهمية كبرى؛ على اعتباره الضمان الوحيد لدائني الشركة؛ خاصة وأن الشركاء في هذه الشركة تقتصر مسؤوليتهم عن التزامات الشركة بقدر حصتهم في رأس مالها، بدلالة الفقرة (1) من المادة (234).
وقد أولى المشرع العماني – كغيرة من التشريعات المختلفة – هذا النوع من الشركات اهتماماً بالغاً فنص على جملة من الالتزامات على الشركة في مجموعها تضمن مكونات الضمان العام لدائنيها، خاصة وأن المشرع العماني لم يضع حداً أدنى لرأس مالها، ومن ثم يمكن تأسيسها بأي مبلغ يحدده الشركاء في عقد تأسيسها؛ ونعتقد أن عدم اشتراط المشرع حداً أدنى لرأس مال الشركة محدودة المسؤولية من شأنه أن يؤدي إلى نمو هذا النوع من الشركات، خاصة أنها ملائمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويلعب الاحتياطي القانوني دوراً مهماً في تعظيم الضمان العام لدائني الشركة محدودة المسؤولية، فهو وسيلة هامة لبناء وتكوين مركز متين للشركة، بما ينعكس بصورة إيجابية على قدرة الشركة الوفاء بالتزاماتها التعاقدية المستقبلية، ومواجهة التحديات المالية والظروف الاستثنائية، ويتكون هذا الاحتياط القانوني من خلال زيادة رأس مال الشركة المتراكم من الأرباح الصافية للشركة.
والاحتياطي القانوني هو: الاحتياطي الذي يفرضه القانون على الشركة بغية مواجهة أية مخاطر أو ظروف غير مواتيه قد تتعرض لها الشركة في وقت من الأوقات، وتناوله المشرع العماني في القانون الجديد في المادة (274) منه، حيث نص على أنه: “على مدير أو مديري الشركة اقتطاع (١٠٪) عشرة في المائة من صافي أرباح الشركة عن كل سنة مالية كاحتياطي قانوني بعد خصم الضرائب إلى أن يبلغ الاحتياطي القانوني ثلث رأس مال الشركة.
ولا يجوز توزيع الاحتياطي القانوني على الشركاء كأنصبة أرباح، ويجوز استخدامه في تغطية الخسائر المتراكمة….”.
ومن هذا النص يظهر المشرع العماني أهمية الاحتياطي القانوني، فمن جانب أول بين كيفية توفيره، وذلك باستقطاع نسبة (10%) عشرة في المائة من صافي الأرباح التي تحققها الشركة، وأنه في حالة بلوغ ما تم استقطاعه ثلث رأس مال الشركة، فإنه يجوز لهذه الأخيرة وقف ذلك الاقتطاع بقرار من جميعة الشركاء.
ومن جانب ثان يظهر المشرع استخدامات الاحتياطي القانوني وذلك في تغطية الخسائر المتراكمة، وفي المقابل لا يجيز المشرع توزيع الاحتياطي القانوني على الشركاء كأنصبة أرباح؛ على اعتباره جزءاً من مكونات رأس مال الشركة.
الجدير بالذكر، يجيز المشرع استنادا والفقرة (3) من المادة (274) من القانون للشركة محدودة المسؤولية اقتطاع ما نسبته (20%) عشرين في المائة من الأرباح السنوية الصافية للشركة كاحتياطي اختياري، ويستعمل هذا الاحتياطي في الوجوه ذاتها التي تصرف في الاحتياطي القانوني.
كما أن قانون الشركات الجديد قد تضمن وسائل تعزيزية أخرى، كضمانات عامة لدائني الشركة محدودة المسؤولية، منها إخضاعها للرقابة المالية الإجبارية، وذلك من خلال تعيين مراقب حسابات في حالات أربع، من أجل توفير حماية إضافية للشركة ذاتها، ودائنيها وجميع المتعاملين معها، وهذه الحالات استناداً والمادة (278) من قانون الشركات وهي:
الحالة الأولى: إذا زاد عدد الشركاء في الشركة على سبعة أشخاص.
الحالة الثانية: إذا زاد رأس مال الشركة على (50) خمسين ألف ريال عماني.
الحالة الثالثة: إذا نصت وثائق التأسيس على تعيين مراقب حسابات.
الحالة الرابعة: إذا طالب شريك أو أكثر يمثلون خمس رأس مال الشركة على الأقل بتعيين مراقب حسابات.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز للجمعية العامة للشركة تعيين مراقب الحسابات لأكثر من سنة مالية واحدة. ويسري في تعيينه وتحديد عمله وحقوقه وواجباته، وسلطاته ومسؤولياته، ذات الشروط والقواعد المقررة في شأن تعيين مراقبي الحسابات في شركة المساهمة بدلالة المادة (279).
ومن هنا يتبين لنا، أهمية الاحتياطي القانوني للشركة محدودة المسؤولية في تعزيز الضمانات العامة لدائنيها من جانب، وديمومة الشركة من خلال المحافظة على رأس مالها وتغطيته، وبالتالي فهو بمثابة وسيلة استباقيه تقي الشركة من مرحلة الاضطراب المالي لسداد ديونها وبالتالي يقيها من إشهار إفلاسها.
ونوصي وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والجهات ذات العلاقة – متى قدرت أنه من المفيد – مراقبة الشركات محدودة المسؤولية، واستظهار تقارير سنوية تفيد إلى أي مدى التزامها باقتطاع الاحتياطي القانوني من الأرباح السنوية الصافية التي قد تحققها الشركة من عدمه.