لا بلاء يدوم إلى الأبد

وداد بنت عبدالله الجابرية

حينما يبتليك الله، لا يعني أنه أخرجك من محبته ورحمته، أو أنه يبتليك ليعاقبك على ذنوبك ومعاصيك.

حينما يبتليك الله، فلربما يكون اختباراً لك، فهل ستشكر وتصبر أم تكفر، فالبلاء اختبار ليأتي من بعده العطاء، فبرمج نفسك وعقلك على أن البلاء اختبار وسينتهى مع مرور الوقت، وإن طال فما المشكلة؟

فإن طال فلك الحمد يا الله لجعلِكَ لي بهذا البلاء تخفيفاً لذنوبي وزيادةً لتقرّبي إليك.

فحينما يمرض فلانٌ يقولون بأنه مسكين، ولا يعلمون بأنهم هم المساكين، فهذا فلان تقدم عنهم درجات، ليعلو إلى محبة الرحمن أكثر، يبتليه ليقرّبه إليه، والأقربون إلى الرحمن هم المبتَلون الصابرون.

سأروي لكم قصة شابّ في مقتبل العمر، ابتليَ في صحته، ورغم ذلك البلاء صبر وتحمّل وأدرك بأن خلف هذا البلاء كرمٌ ينتظره، أدرك أن خلف هذا البلاء هناك مكانة ورفعة وتقربٌ إلى الله وخيرٌ ينتظره، وأيقن بأن مع كل ندبٍ من ألم، هناك شيء ينزل من على عاتقيه ليخفف عليه الحِمل، أدركَ أنه اصطفاه الرحمن ليطهّره من تلك الذنوب.

فمن هنا تبتدئ قصة هذا الشاب سالم، البالغ من العمر 23 سنة، ابتلي ببلاء يخفف عنه الأثقال، ليكمل مسيرته بعزم وحزم وإرادة أقوى، لم يدعْ شيئاً يقف أمام هدفه، ورغم ذلك البلاء الذي جعله طريح الفراش إلا أنه عقد العزم على إكمال دراسته ليفتح مشروعاً تجارياً يعينه على جمع مبلغ من المال لإجراء الفحوصات اللازمة. اعتمد على نفسه رغم صغر سنّه، ولم يطلب من هذا وذاك، أدركَ بأنه لا أحد يستطيع نفعه بعد الله، لجأ إلى خالقه، ورضي وتقبّل مرضه برحابة صدر، لأنه عَلِم بأن مع طول السنين على البلاء يأتي الفرج.

فيروي لنا بأنه تعلّم من قصة سيدنا أيوب حيث مكث في البلاء 18 سنة، وبعد تلك السنوات أتاه فرج الله، كما عَلٍم بأن من أخرج يوسف من الجُبّ قادرٌ على أن يخرجه من بلائه، وعَلِم بأن من جعل آياته معجزات لفرعون، قادرٌ على أن يُنزل فرجاً يزيل بلاءه، ومن أعاد البصر إلى يعقوب، قادرٌ على أن يُعيد الصحة والعافية إلى جسده.

فأين -نحن الشباب- من قصص الأنبياء وقصص من المكافحين الصابرين على البلاء؟
لماذا هم بعيدون كل هذا البُعد عن التقرّب إلى الله؟

فرسَم لنا هذا الشابّ الطَّموح قصته لتكون لنا درساً نتعلّمه في الصبر والرضى بما كتبه الله تعالى لنا.