2024
Adsense
مقالات صحفية

يتخذون من أجسادنا جسورا للعبور

شريفة بنت راشد القطيطية

الحياة أصبحت لا تطاق، ومجازر الدماء صارت عادية، غدا نرحل وسنخبر السابقين أن الحياة لم تعد كما تركتموها وأن غلافها الجوي صار ملوثا برائحة الدم، وليلها يئن ويتمنى الخلاص، ويتورط الكثيرون في اختناق المسارات ويلوذون بالفرار، ويتخذون قرارات عمياء، إن ارتطمت بالجدران صفق لها الماثلون بلا شخصيات وعينهم على سلطة مزيفة وتاريخ مسلوب، يرسمون على الشوارع جنات حمراء وأرواحا متطايرة للسماء فرحة مبتسمة، كانت قد حفرت أسماؤهم على أجسادهم لينالوا شرف الشهادة، ويغيروا الأرواح إلى أجنحة.

القوى العظمى لا يحق لها اختراق الشعوب وبتر قوائم البشر، فالعظمة تكون بالرقي والحكمة واصطحاب السمو أينما ذهبت، وعدم تورط أذرعة الشرف في نذالة الحلفاء، والحياد سيد الموقف إن لزم الأمر، يكثرون من الطعنات خلف الظهر ويستصيغون اللعب بالدماء، ويشربون قهوتهم على موائد العروبة، ويحلقون شواربهم عند مدخل الوطنية، ويأخذون ما ليس لهم، ويربطون كلابهم المتآمرة معهم بالكوفية ويدمرون نخيل مريم!.

السقوط من السمو إلى الوحل هو العار، أما الشهادة فهي نقلة من الأرض إلى السماء وهنا العلو، لن تأخذوا أرضا زُرع فيها الأنبياء وتعلمت فيها الحضارة معنى الثبات، لن تملكوا شبرا منها وأنتم تديرون المعارك من خلف الأزرار وتُرعَبون من صور طفل بيده حجارة، وتخطفون النساء سبايا والأطفال رهائن، تجلبون العار لغرف نومكم وتطعمونه النبيذ ليصحو على جرم أكبر يغرس الحقد في نياب الخونة ويدعوهم للغداء من خير ليس لهم وزيتون يجبرهم على الانحناء له.

حين تقاس الأمم بالأخلاق ما بقيت ينجلي الظلم وترتقي الأوطان، وتتعلم العصافير كم غصنا في الشجرة لتكشف مزايا الاختباء وقت الخطر واقتناص أجمل الفرص للانطلاق وتحقيق الأهداف، تعلّم من الصغير أن القوة ذكاء وليس استعراضا، وأن الحياة جهاد وليست استعبادا، وان تدبير الأمور بحكمة مصدرها الصبر وإجلاء الخيبة من النفس وتحفيز الروح على طاعة الله والإيمان بالنصر وأن وعد الله حق، ما زال اليقين النابض نقشا في الحجر خلدته حضارات وأمم وأنه مهما علا صوت الباطل سيزهق بقبضة سيف إذا نزلت على رؤوسهم لم تبق لهم باقية.

الأجساد التي تودون العبور فوقها تتحلل لتفضحكم وتوثق القيد لنبدأ العد التنازلي للوصول لنصر مبين، وأي تفاصيل أخرى وإن كانت مؤلمة وفوق التصور ستكون دليل إدانة وحفر قبور لكم، لن تمر الأحداث هكذا دون عقاب ولن يُترك عابث دون جزاء، ولن نرحم من لا يرحم، ولن تكون هناك علاقة ود مطلقا بين الآثم والمظلوم، وستكون هناك وثائق قوية عند الله وعدل يقطع رؤوسكم بكلمة حسبي الله ونعم الوكيل.

الهوان أن يبقى الصمت سيد الموقف وأن يظل الطغاة بلا ردع، وان نُقلق قبور الفاتحين والقادة الذين أنار الله بهم مدائن وبلادا وعواصم، ويتمادى الظلم وتجر خيباتها الأمم، ونعتذر لأنفسنا أولا ولسيرة الصالحين وأرض فلسطين، لم نجد لدينا سيف الله المسلول وصلاح الدين، لم نجد ما ندخره من قوة، ولا ناقة لنا ولا بعير، أُخذ القطيع بأكمله تحت نخلة اليهود، وعاد الرعاة بلا أمتعة، فقط التمرة والماء، ووعاء به الصمت خاذل القدمين. معدم، ولكن تبقى الأهم الثقة بالنصر والصمود والمنعة، وألا نرضى لأجساد العرب أن تكون جسورا للطغاة .. يد الله فوق أيدي المناضلين، وحلمنا يقين بالنصر، ولكل فرعون موسى والبحر .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights