شريفة بنت راشد القطيطية
أعود منهكة من احتلالك كأي أنثى أخرى أتعبها القهر، وأعود أزرع أرضي ألغاما من جديد لتموت محتلا أسيرا فوق أرضي، وأعد لذكرياتك متسعا من الوقت لتظل تأخذ ريق الغيم علاجا للنسيان، أتعتقد أنني سأنسى ما أحسست به يوما من اختناق ورجفة؟ أتعتقد أن الواقفين فوق أرضي سيصمدون كثيرا قبل إعدادهم لمراسم الاحتلال؟
تراكم الوقت في رأسي يحيلني لتراجع، ولكنها البداية تعد نفسها لتجديد يعرقل مسيرة الوقت، والدهشة أن المغادرين نسوا أمتعتهم وحتما سيعودون مستلقية أفكارهم في رمضاء العبور، يخدشون حياءهم بالترجي ويعبثون كثيرا بالوقت، أمتعتكم ليست تجدي وغراسها قد أفسدته القسوة والكبرياء واسع الفهم .
الغارقون في الأحلام يسلمون رايتهم وينبعثون من قوس الهلال، ويستلون سيوف الوحدة، وينضمون بلا أكفان إلى رعب يهطل من قمم الجبال، عائدون وخائبون بلا أحلام، ويغمضون أعينهم ليواعدوا الحب تحت شبه الظلال، حين تغمض المرايا نور وجهك أستقل الحافلة وأعود إلى الوطن هاربة من قلبك، حينها أعد للحالمين مدافن العشق، وأبدأ برسم وجهك تحت الماء .
لا تُسئ الفهم حين أعلقك على بابي منتظرا الربيع. سيطول بك الانتظار حتما وأعود لأغلق النافذة التي تسكن جواره، يا لك من غبي تترك النافذة مفتوحة وتنتظر على باب مغلق لن يفتح ولن تدخل إلى مدائن الأحلام وهي غارقة في الحسن، كانت النافذة كافية لتدخل وتفتح الباب من خلالها، لا تأخذ بخاطر الوقت شيئا لديه ما يكفيه ليصفن في طول نهار يساوي عرش بلقيس ممتدا ومتسعا، وحديقة المنزل تزهر ورودا صفراء وجيشا ملهما من الشذى والبوح لتترك كل هذا وتنتظر على باب يتيم ومعدم.
خانتك الليالي وأنصفتني وأرهقتك عنوة، وجعلتها تعلمك الركوع بين يدي وتطعمك بالقوة حبي وعشقي، وتفهمك أن القسوة أليمة على محب كان يطعمك الهواء إذا اتسع الكون وضاقت القلوب، لقد كان احتلالك يومي يقيد الوقت ويرسمه في وجهي، وكانت كل محاولاتي عبثا أن أبقيت حاكما على قلبي، وفضلت أن تكون من باقي الرعية يسقون الخوف، ويماطلون أيامهم، ويهربون ويشعلون القناديل المهترئة وقت المطر بحثا عن خشاش الحب .
هنا عادت بسماتك من أرض محتلة، وتعدت سياج الحضور، وملأت حبرها بالورق وأسكتت العبور، كتبت كلمات وقصائد تنشد فيها الكبرياء، وتناسيت أنك من عبث بكل همسة بيننا وتوارى خلف خوفه وعناده، وآثر الوقت أن يعانقني بدلا عنه، وترك المسافات لتكبر وصده ليذكر، وأغرق العين بالوله، وأحسسني بلوعة العشق، وتمادى وقتل الروح التى أسكنته فيها، وعاد متسولا من جديد يطلب الفتات، وينتزع الروح من البدايات الجميلة .
