الشريط الأحمر
شريفة بنت راشد القطيطية
المدار الأول أن ترقص معي في كوكب زحل والمدار الثاني أن قلبك في كوكب الأرض.. والمسافة بينهما شريط أحمر وندع كوكب المريخ للآخرين.. نحن نبحث عن التفرد والتميز.. إما أن نكون معًا في زحل.. أو أعود إليك منه والأرض لن تشتكي لقلبي.. فقط أحسستها لا تسعني ولا تبالي لوجودي.
الأسرار التي تختبئ وراء ظهري لن تعمر طويلا، وأي نقاش بعدها أنا ملزم.. والوقت يداهم الجميع؛ لأن الغيم سيترك سماءكم، ولن نسمع رعدًا، ولن نرى برقا.. الأحوال تتغير والمسار متجه إلى اختيارك.. النهضة هنا أن تهب لنفسك العطاء، ولا تتعمق أكثر في قلوب الآخرين، ووجودك بالوداد المطلوب ينثر الذكريات بيننا.. يبقى الاستسلام يا سيدي، فالشريط الأحمر مرهون بمسافة العمر الذي تجتازه في التفكير.. عليك الانضمام إلينا قبل التفكير.
ستأتي من رحم الوقت.. وستشتاق وتعانق أنفاسي حلمًا لن تتوصل إليه.. وسأكسر اشتياقك على رأسك، وهذا ما كنت أتخيله..
لقد نسجت لك النبضات وسطرتها أماني، ولعبت بالساعات وحولتها ثواني وكسوت قلبك عشبًا أخضر وألحانا وأغاني.. لقد جعلت مني تائها يعبر الدروب، ولا يجد له رجوع.. وتركتني غريبًا يبوح بصمت الدجى آهات ودموعًا.. وخبأت لي بين جفنيك غابة من الممنوع، وأمرت حسك بقلبي يجهض مئات الشموع.. لن أشتاق لغائب تعدى مراحل البعد، ولم يسأل وتعلل بالغربة وعود حياته بنبض لا يعمل.
الغاليون على قلوبنا يتناثرون كأوراق الخريف مع الريح القاسية، ويعبثون بالوجدان.. يترجمون عبثهم بالظروف والحياة، ولكنهم هم من ينسلون لموائد أرحب وعطور أشمل.. هم يتركون خبز الفقراء؛ لأنه لا يقضي حاجة نهمهم للأجمل.. ويعزلون أنفسهم تدريجيا بدون اعتذار أو تأسف.. جرح قلوب الفقراء إثم عظيم، وهم يأتون بكل ما لديهم من حسن وترف وابتسامات من القلب وصدق عالق في الذهن وعفوية ساحرة.. المتوغلون في خوافي الفقراء لماذا أتيتم وفي خوافيكم لؤم وتكبر ..؟ أعيدوا صفاء السماء وخبز الفقراء.. أعيدوا البسمة والعفوية والبكاء.. حتى البكاء سلب من أعينهم.. الحب يأخذك للسماء لتكتب قصيدة عشق، وينثرك في الهواء لتشذي القلوب الصماء.. وأنتم لا حياة ولا جمال قلب ولا احتواء.. أنتم الأوراق اليابسة التي تدوس عليها أقدام الفقراء عندما تذهب لجني العطاء.
الغائبون مغارات ملأى بالدهشة ومطوقة بالأذى.. ومراحل تعجب من استفهام يلحق بروعة الذهول ومقاسم غرابة ومتاهات عقول.. الغائبون يطهون حماقاتهم فوق نار العشق ويتذوقونها دون لذة ودون استحقاق.. يغسلون أيديهم من منابع اللهفة والوله ويرطبونها بعطر الياسمين.. لا يذكرون مجازرهم التي تولوا قيادتها وعلقوا أخطاءهم على حبال الوقت.. والمساءات الشتوية مراسي العاشقين وابتهالاتهم المترنمة بالوجد.. وخلجات تلمس أطراف الوجع.. الغائبون يتعمقون بأخذ نبضات قلبك، ويعطلون الشعور.. ولكنهم تناسوا أن غيابهم علمنا القوة والانتصار.