د. علي زين العابدين الحسيني
نحن قومٌ ابتلينا بعدّ الشيء العاديّ إنجازاً كبيراً من قلة وعينا بالإنجازات التي يجب أن تكون، مَن كان كبيراً في نفسه عرف أنّ النجاح كلمةٌ شريفةٌ ليس أيّ عمل ينطوي تحتها، فلا تطلق حقاً إلا على أعمالٍ شريفةٍ، ولا يثبت نجاحٌ لأيّ عمل بناء على رؤيتك، وإنما يخبرك الآخرون أن عملك قد حاز المراتب دون توجيه أحدٍ.
يا أيها الذين حاروا في سبل النجاح إنّ النجاح ليس طريقاً واحداً بل طرقاً متعددة، والفشل ليس نهاية الحياة بل مرحلياً، وكل نجاح يدفعك لنجاح إلى نجاح حتى تصل إلى ما تربو إليه.
إنّ كلمة (حي على الفلاح) في الأذان تعني أن الوصول للأهداف والازدهار من أجل النجاح من المطالب العلية، وهو يحتاج إلى رجلين: رجل يحدد ماهيته ووسائله، ورجل يفهمه ويعمل لأجله!
ابحث عن طرق النجاح، ولا تنتظرها أن تأتيك، فلا تطمع من غيرك أن يدفعك لها، بل كن دافعاً لنفسك نحوها باجتهادك، فدافعيتك ذاتية منك وإليك، وربما تكون غير ناجح؛ لعدم توفر أسباب نجاحك، لكن بإمكانك أن تكون سبباً لنجاح غيرك، فإياك أن تكون معول هدم لأركان النجاح، أو عدواً لنجاح الآخرين، أو خصماً لهم، فكن ناجحاً؛ فإن لم تستطع فساعد غيرك على نجاحه، فإن لم تستطع فاسكت عن أهله، وذلك أضعف الإنجاز.
ويا أيها الذين ضاعوا في ظلمة الأيام إنّ من أسرار التميز أن تكون فيك القوى الداخلية التي تجعلك مصراً على تحقيق أمنياتك، وتمنعك من التنازل عن أهدافك مهما كنتَ عليه من ظروفٍ.
إذا أخذتَ بيد أحدٍ لطريق النجاح فلا تتركه في منتصفه، فإما أن توصله لنهايته، وإما ألا تسير معه من بدايته؛ لأنّ الكثيرين في البدايات يجهلون الطرق، ويسلكونها بسبب غيرهم، ولا تتوقع بعدها أن يعترف أحدهم بأفضالك، لكن افعل أفعال الفضل تكن من أهلها، ويشهد الواقع بأنك من أربابها.
إنّ النجاح هو تحديد الأهداف الممكنة، ثمّ إيجاد الطريقة المناسبة التي تتفق مع إمكانياتك؛ لتظفر بعدها بأمنياتك، ولا يتأتى إلا بالمواظبة، وقد يعتريك في أيامك القلق، وهو دلالة على إرادة النجاح، فالأيام لا تقلق البطالين!
انبذوا النجاح الظاهري، فلا تفرض نجاحك على أحدٍ دون تحقيق أداة تقييم، أو مقارنة يسيرة بالآخرين، ولا يمكن أن تقيم أعمالك، وتحتفل مع نفسك بنجاحها.
تشببوا بالصبر في سيركم ولا تحزنوا، لا عيب في التميز إلا أنّه تتوجه أعين وألسنة الحساد وأهل الحقد لك!
