2024
Adsense
مقالات صحفية

إعادة الهيكلة لشركة متعثرة ( 4 )

 

يوسف عوض العازمي
alzmi1969@

“السؤال الحقيقي بالنسبة لي هو: هل الناس لديهم الأدوات التي يحتاجون إليها من أجل أخذ القرارات بشكل جيد؟ “

(  مارك زوكربيرج )

تمت عملية المراجعة وإعادة النظر والترتيب لقطاع المكتب الرئيسي الذي تحول إلى: إدارة المكتب الرئيسي، و لاحَظ المستشار القائد  أثناء البحث والترتيب أن ثمة تخمة في عدد الموظفين، وبلا داعٍ ضروري، و تقريباً بلا انضباط.

أعطيك مثالاً سريعاً:

عدد السكرتاريا في مكتب رئيس مجلس الإدارة 21 سكرتير وسكرتيرة، فيما الحاجة الحقيقية فقط لـ 3.

طبعاً بعد التدقيق تم الإبقاء على ثلاثة موظفين فقط للسكرتاريا (بعدها بطلب شخصيّ خاص من الرئيس تمت إضافة سكرتيرة رابعة). حتى أوضّح الأمر أكثر كان العمل لا يحتاج لأكثر من ثلاثة موظفين سكرتاريا إنما لدواعي لا ترتكز على المفهوم الإداري السليم تم توزيع عمل ثلاثة موظفين على 21 سكرتير.

تم ترتيب وتنظيم إدارة المكتب الرئيسي بنجاح و بسلاسة بلا تأثير سلبي على مجمل العمل، لأن ما تم عمله باختصار هو إزالة شحوم زائدة لا حاجة لها ولا تؤثر على السير السليم للإدارة.

بعد ذلك تم الالتفات لإدارة الاستثمار (سابقاً قطاع الاستثمار وإدارة الأصول) وبالطبع كان النظر بوقت واحد لكل جهات الشركة، إنما هنا أصفها وصفاً سهلاً حتى لا يتقاطع الفهم عند القارئ.

لا شك أن إدارات الاستثمار في الشركات الكبرى قد تعتبر هي الدجاجة التي تبيض ذهباً في حال الإدارة السليمة، لكن في وضع الشركة كانت عبئاً ثقيلاً، وحفرةً عميقة وقعت بها الشركة.

مالذي حدث؟

الذي حدث باختصار هو خلل إداري بالدرجة الأولى قبل أن يكون خللاً فنياً، كيف؟
من خلال التحقق (وليس التحقيق) وصل المستشار لنبذة سريعة فسّرت جزءاً مما يحدث، إذ تبيّن أن القطاع يسير بأعماله بشكل متوازن ضمن فريق عمل متجانس، بعد ذلك حصل تعيين لرئيس جديد للقطاع من جنسية وافدة، بسبب منجزات هذا الرئيس في شركة أخرى، حيث تمت استمالته عبر تقديم عقد عمل أعلى أجراً من العقد الذي كان يعمل به، هذا الرئيس الوافد انشغل بادئ الأمر بعمل تغييرات في فريق العمل بالاستثمار وفي إدارة الأصول واستطاع إجراء تعيينات عدة لموظفين من أبناء جلدته وقدمهم في العمل على أفراد الفريق الموجود، وحصل تنافر بين الموظفين مما جعل بيئة العمل طاردة. ووزاد الطين بلّةً أن الرئيس الجديد خفّض مكافآت الإنجاز للموظفين مما أضعف الحافز، و بناءً على ذلك قدم العديد من فريق العمل استقالاتهم، للأسف تم قبولها بدون بحث عن أسبابها من الإدارة العليا.

ما سبق فكرة مبسطة عن الخلل الإداري، مالذي حدث في الجانب العملي الفني؟

تم التخارج من عدة استثمارات مقيدة تحت بند: استثمارات طويلة الأجل، وهي تعتبر الرافعة المالية الأهم ليس للقطاع فحسب بل للشركة عامةً، وهي استثمارات تم استرداد قيمتها الأصلية وحققت أرباحاً وعوائد ممتازة وتضاعفت قيمتها، بالمختصر أصبحت مجاناً للشركة، وقد تم التخلص من جزء كبير منها والجزء الآخر لولا الحاجة للرهن البنكي و إلا لكانت في مهب الريح.

للأسف تمت هذه العمليات بدون دراسات جدوى واضحة، وأصلاً مثل هذا الاستثمارات تعتبر مثل العمود الفقري لأي شركة لاتمس أبداً، لكن قدّر الله و ماشاء فعل.

تم سؤال الرئيس الذي تمت إحالته لمكتب رئيس الشركة عن سبب ماحصل و كان الرد:

أن هذا سوق يرتفع مرةً وينخفض مرات، وأن الهدف كان الدخول في استثمارات المشتقات المالية (إحدى أكثر الاستثمارات المصنفة عالية الخطورة) لأن الربح مضاعف وأسرع، وحصل ما حصل.

الأكيد أن المستشار لم يرتح لتبرير الرئيس المحال و قرر كتابة توصية لإحالته للتحقيق للاشتباه بتلاعب معين ضد مصالح الشركة، لأن ماحدث لا علاقة له بآليات الربح والخسارة بل بسوء الإدارة وممكن سوء النية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights