الذائقة الفردية بين المكانة الاجتماعية والرغبة الشخصية
حياة بنت عبدالله السعيدية
الذائقة تعود إلى فعلِ التذوق وغالباً ما يرتبط هذا المفهوم بالطعام والشراب. ولكن الذائقة البشرية لا تقتصر على ما يؤكل بل تشمل رؤيتك وتجربتك الشخصية في الحكم على الأحداث والأفعال واتخاذك لقرارات شخصية أو اجتماعية من منظور مغاير للرأي السائد. كاقتنائك للملابس وللسيارات، إضافة إلى ذوقك الفني، الأدبي والعلمي. كما يغلب على الآخرين رسم توجه أو رأي بناءً على الذوق العام والسائد والذي بدوره يؤثر على التوجه الشخصي. وكمثال على ذلك، العائلة التي تعتبر حجرَ الأساس الأول، فمن خلالها ترسم الملامح الأولية لنظرتك وفلسفتك في الحياة، وتترى العوامل الأخرى لتشمل الأصدقاء وشبكة الإنترنت وشركاء الحياة والأيقونات العالمية في مختلف المجالات الفنية والثقافية والاجتماعية وغيرها عبر مختلف الأزمان.
ولكن هل لديك الجرأة على أخذ مسار مختلف وبعيداً عن تأثير الرأي العام؟.
حتى تتضح الصورة لديكم سأسرد بعض الأمثلة. مخالفتك لبعض الأراء العامة عن لوحات بيكاسو، كقولك بأنها لا تستحق أن تكون عملاً فنياً بتلك الشهرة، ويأتي هذا الحكم من دون التأثر بالآخرين، أو إبداء رأيك حول مركبات بي أم دبليو (BMW) ألمانية الصنع بأنها غير لافتة للنظر ولا تستحق تلك المبالغ الطائلة. انتقالاً للناحية الأدبية بأن وينستون تشرشل، جوزيف كونراد، تشارلز ديكنز وجورج إليوت هم كتّاب إنجليز لا تستحق أعمالهم الروائية سمعة رائدة في المجال الأدبي. إذن إمكانية رسم ذوق خاص بك غير متأثر بالذوق العام يكمن في إتباعك لمسارات مختلفة نتاجَ التجربة والممارسة. وبناء عليه تتحدد ذائقتك بعيداً عما يأتي كاقتراحات من قبل الأخرين. لذا كن مختلفاً دائماً ولا تأبى الكهولة الفكرية المبكرة بتحديد ملامح ذائقتك بقصد تعزيز المكانة الاجتماعية والشعور بالانتماء للمنظومة الفكرية في مجتمعك، والتي بدورها تهدم البناء الفعلي لتجربتك وفكركَ وآرائك. تذكر دائماً بالاختلاف تزهر الحياة، وأنه لو لا ذلك الاختلاف المغاير للرأي السائد لما تنوعت المنتجات التسويقية والعلامات التجارية والأذواق الأدبية، وهلم جرا. وتلك هي سنة الله في خلقه وهي الاختلاف، وقس على سائر أمور حياتك هذا المبدأ.