على قيدِ الشّغف
بقلم : بلقيس البوسعيدية
لكل واحدٍ منا حياة لا تخلو من المشاكل والتحديات التي تقف كجدارٍ فاصلٍ ما بينه وبين ما يريد، بظروفها القاسية التي تعيق تقدمه نحو وجهته التي يحلم بها منذ نعومة أظفاره، تأتي تلك العقبات بمقدارِ اتساع حياة كل واحدٍ منا، بمقدار ما يملك من شجاعةٍ، حكمة، عزيمة، ورغبة جياشة للوصول والرقي بذاته إلى حيث يشاء، إلى حيث تشاء روحه ويطمئن قلبه وتسكن نفسه. كل واحدٍ منا يملك قوة كافية لتدارك كل تلك العقبات التي لا تزول إلا بعد معركةٍ حاسمةٍ نخرج منها بجيوبٍ ممتلئةٍ بالأمل والحب والقبول والرضا، الحب لأنفسنا مهما كانت الظروف والأسباب التي تجبرنا على التنازل عن بعضٍ من أحلامنا ورغباتنا، والرضا عن كل تلك الأجزاء التي تفقد بريقها وتموت فينا، وعن كل أمنيةٍ تضيع منا في سبيل إيجاد سلامنا.
لكل منا أسبابه الكامنة التي تنبعث منها روح الصبر والتفائل بغدٍ مشرقٍ، أسباب تمنحنا الأمل المفقود على أرصفةِ الانتظار الطويلة، والنور الضائع في الأنفاق الضيقة المظلمة التي تكاد ألا تتسع لحجم خطواتنا، أسباب تستوطن أعماقنا وتضخ القوة في أبداننا، أرواحنا، وقلوبنا؛ لنستمر في الركض بخطواتٍ متلهفةٍ نحو وجهاتنا المرجوة، متجاهلين كل تلك المآسي التي نمر بها، واللحظات التي تسقط من جيوب أعمارنا دون أن نحقق منها شيئًا يسعدنا ويدهشنا، نتعثر ونسقط ولكننا نجيد مع كل سقوطٍ لملمة شتات أنفسنا بكفوف مرتعشة، نعود واقفين من جديد ونحن على يقينٍ تامٍ بأن شمسنا لم تغرب بعد، وقصتنا لم تنتهي بعد، ما يزال في الحياة متسع لنا ولكل تلك الرغبات الراقدة في قلوبنا، ما زالت الحياة تخلق لنا الفرص وتغلق أبواب وتفتح في وجوهنا أبواب أخرى لم تطرقها أناملنا، ولم نحلم بها يومًا ولكننا وبرغم من كل ذلك نمر من خلالها بشجاعةٍ وصبر ورضا ونحن واثقين بأن هناك أشياء أجمل تنتظر وصولنا اليها.
ليست كل الطرقِ صالحة لنسلكها وليست كل خياراتنا صحيحة دائمًا، فكم مرة اِخترنا وضعنا وندمنا؟، وكم مرة آمنا ووثقنا وغدر بنا؟، فمن كل تلك التجارب التي مررنا بها والدروب التي قطعناها بظروفها القاسية تقيس الحياة مدى صبرنا وقوتنا، تعلمنا كيف نغفر لأنفسنا، وكيف نتقبل هزائمنا بروح راضية، وكيف نجمع أحجار الخسارة ونبني منها سلم صعود لبلوغ غاياتنا، نخلق لأنفسنا أجنحة ونحلق رغم أنف خوفنا، نلملم أحلامنا المكسورة ونصنع من رفاتها أحلام أخرى، لا يبرد شغفنا تجاه الأشياء التي نحب ولا تنتهي تلك الرغبات التي تتعاظم فينا يومًا بعد يوم، ما زالت خطواتنا مشتعلة بالعزم والإصرار؛ لبلوغ نهاية تليق بنا، ولعناق لحظة سلام تنسينا ضجيج الخوف الصادح فينا.