2024
Adsense
مقالات صحفية

الجنسية العمانية حق، ولكن لمن يستحقها

أحمد بن سليم الحراصي

إن ما يُشاع عن أن البدايات دائما ما تكون جميلة هو صحيح بالجملة فليس محببا أن تتوقع بأن يقول لك أحدهم مرحِّبا بك كأن يقول لك (مرحبا يا كلب) -وغيرها من الكلمات المستفزة- في بداية اللقاء الأول حتى ولو كنت كلبا فعلا؛ لأن البدايات دائما جميلة سواءً للكلاب أم للأطياب.

هذا ما قاله أحدهم وهو يستلم الجنسية العمانية في يومه الأول في لقاء له مع جريدة الشبيبة بأنه حصل على الجنسية العمانية عن قناعة وكان يمتدح عمان أمنها وأمانها وخصال أهلها وأخلاقهم الحميدة وصار يتغنى يومها بالعماني على الأصول والأعراف ولكن السقطات تتضح حينما يتعب العماني -المجنس- من التمثيل فيسقط في الهاوية، فلم يكن كل ذلك المديح إلا تملقاً وتوددا، فقال -بعد أن طال به الأمد في عمان واستقر- بأن العماني بلا فائدة وأن القعود معه لفترات غير مجدية نفعا، هو مجرد إضاعة وقت، فتغنى بجنسيته السابقة ومدح فيها ما مدح وجعل فيها صاحب التكسي العادي في بلده أرقى من عشرات العمانيين، فإذا كنت تقول هكذا عن العماني فما تكون أنت؟ وما الجنسية التي تحملها؟ أليست عمانية؟ وهل عزَّ عليك البلد الذي يحتضنك تحت راية أمنه وأمانه وصرت عاشقا لبلدك السابق؟ فإن كنت عاشقا فلِمَ لا تترك الجنسية العمانية لمن يستحقها وتخرج لبلدك؟ لكنهم لا يستطيعون فمن يبدل جنسيته لجنسية أخرى لا يكن إلا في حالتين إما أنه باع وطنه أو أنه طُرِد منه دون رجعة، فاحتضنته عمان كأم احتضنت طفلها ولكن تمرد اللئيم فصار ملكا لشهواته ونزواته دون بلده، أما الأحرار يظلون أحرارا في وطنهم حتى لو صالت فيه الحرب وجالت لكن يبقى وطنه سنده دائما فيدافع عن حياضه.

وفي الآونة الأخيرة كتب أحدهم مقالا نشره في جريدة الرؤية، وهو مقالٌ أراه مستفزا للشعب العماني؛ فعندما تكون كاتبا يعني أن تراعي حقوق الشعب وأن تتكلم بصوت الشعب وأن تسعى دائما لحلول أفضل يتمناها الشعب العماني، لا أن تزيد (البحر جحلة) وتقترح بإنهاء خدمات الموظفين قليلي الإنتاجية؛ وهو عذر تستطيع أي شركة أن تبتدعه فيمن أرادت أن تسرحه، ولا أعتقد بأنني سأوضح الكثير هنا لأخبرك ما حدث بعد قرار وكيل وزارة العمل باعتماد الحد الأدنى للرواتب فقد حدث ما كان في الحسبان، ثم تأتي أنت وتطالب بتجميد الزيادة السنوية فماذا سيبقى إذاً للمواطن البسيط؟ أليس هذه الزيادة هدفها زيادة إنتاجية الموظف وتشجيعه نحو بذل المزيد من الجهد في العمل؟، وبعدها تستنقص من خبرات المواطن العماني في إدارة الموارد البشرية ليحل محلهم وافدا، فماذا أبقيت إذاً لخطة التعمين التي ننتهجها لسنوات؟ ما يجب قوله أيها الكاتب الكريم هو أن توجه قلمك لخدمة المواطنين وأن تقف معهم وأن تسلط الضوء على الحقيقة أيا كانت حلوة أم مرة، لا أن توجهه نحو الظلم والاستبداد وتُشهِره أمام العامة من الناس وتقول بأنني صرت مشهورا بين ليلة وضحاها لأنني وفقط كنت بجانب الظالم وتركت المظلوم يكيل عليك آلاف الكلمات من السب والشتم فالويل لك ولحالك.

يجب أن تُعطى الجنسية العمانية لمن يستحقها، فمن غير المعقول أن تكون عمانيا وأنت تستفز بتصريحاتك المواطنين من أبناء جلدتك وتتحيز للوافد أو لجنسيتك السابقة، فأنت عندما حصلت على الجنسية العمانية يعني أنك عمانيا، حقوقك وواجباتك متساوية طبقا لقانون الدولة فلماذا إذاً هذا التحيز؟ لا يوجد تبرير لهذا سوى أنك أظهرت معدنك الحقيقي وأظهرت حقدك وغضبك لعمان وأهلها، فاستسلمت لنزواتك وأهدافك الخاصة، لذا كان لزاما أن تكون هناك حدودا حمراء لا يمكن تخطيها لوقف هذه المهازل ومن يتخطاها تُسحب عنه الجنسية العمانية ويُلقى به في الخارج.

لا يمكن أن تكون ذليلا في وطنك ومستفزا من قبل فئة مجنسة ليست لها علاقة بالوطن والمواطن، التجنيس خطوة موفقة ولكن ليس الكل من يستحقها، أن تكون عمانيا يعني أن يكون حبك للوطن والمواطن نابع من القلب، فمهما فعل فيك الوطن وأهله يبقى وطنك هو تاج رأسك، أنت تنتمي إليه وهو ينتمي إليك وليس مناسبا في أن تواجه وطنك وتستفز شعبه بتصريحاتك الحاقدة والمليئة بالشؤم واللؤم.

هناك الكثير من المجنسين استحقوا الجنسية العمانية عن قناعة؛وذلك لأنهم تعاملوا مثلما يتعامل العماني بأخلاقه وشهامته ونخوته لأبناء جلدته، فهؤلاء من استحقوا عمانيتهم، على نقيض البعض ، فعندما يحصل على الجنسية العمانية يصبح هو الآمر والناهي، هو المسيطر في كل شيء، بمعنى أنا عماني وأنا السلطة هنا لا يستطيع أحد أن يخالفني ولكن لكي تكون عمانيا عليك أن تكون أديبا، أن تتحلى بصفات العماني الأصيل، أن تنسى جنسيتك السابقة بكل ما فيها من عادات وتقاليد وتعاملات وتتعلم الآداب العمانية وتتقنها، عندها فقط ستصبح عمانيا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights