2024
Adsense
مقالات صحفية

طرطوس: مدينة وتاريخ في مهب الريح

محمد علي البدوي
إستكمالا لسلسلة المعالم السياحية العربية والتي قررنا أن تكون كل فترة بين المقالات ذات الطابع المتخصص لتكون بمثابة استراحة من المقالات ذات الطابع الشبه أكاديمي، نتحدث اليوم عن مدينة ذات تاريخ طويل وآثار ذات طابع خاصّ وفريد تملأ جنباتها وتجعل منها بحقّ واحدة من أهم المدن العربية بل والعالمية وذلك لما تتمتع به من جمال وتاريخ وموقع جغرافيّ متميز وتنوع في مواردها السياحية والطبيعية.

وإنه لمن أشدّ الأمور قسوةً على محبّي الآثار والتاريخ أن يشاهدوا أحد المعالم الأثرية في وضعٍ سيء أو في حالة معاناة بسبب ظروف ما، خارجة عن إرادتنا، وبغضّ النظر عن الأسباب التي أدت إلى سماع أنين وصراخ أهالي طرطوس بسبب توقف حركة السياحة وبالتالي توقف دخل الآلاف ممن كانوا يعملون بالقطاع السياحي إلا أن الأمل ما زال معقوداً في عودة حركة السياحة وعودة السلام والأمن لكل مدننا العربية.

(إنترادوس) هو الاسم القديم لطرطوس أيام الفينيقيين ثم أصبحت تدعى (طرطوسا) إبان عصر البيزنطيين، وكانت ذات أهمية عسكرية كبرى أيام الصليبيين حيث أقيم بها حصن وقلعة وأبراج حماية.
ثم استعادها القائد الناصر صلاح الدين الأيوبي عام ١١٨٨.

تتمتع بموقع جغرافي فريد وتمتلئ بالعديد والعديد من الآثار والمناظر الطبيعية وتقف شامخةً تفوح منها رائحة التاريخ والحضارة في تناسق بديع يؤكد أن مدننا العربية على اختلاف أشكالها تمثل نموذجاً للتنوع السياحي الذي يبحث عنه كل سائح.

ومن أهم الآثار التي ما زالت تقف شامخة لتؤكد على مكانة طرطوس في قلب صفحات التاريخ (الكاتدرائية الشهيرة) والتي يقال أن السيدة العذراء شاركت في بنائها.

وقد تحولت الآن إلى متحف يضم تُحَفاً وآثاراً من عهود مختلفة.
وبذلك تكون هذه الكاتدرائية من أقدم الكنائس في العالم وتتكون من ثلاثة أجنحة طولها حوالي ٤٠ متراً وعرضها حوالي ٢٧ متراً وهي نموذج حيّ لروعة فن العمارة القوطية وفنّ العمارة الكلاسيكية.

ومن المدن التي تتبع طرطوس وتُعدّ جزءاً لا يتجزأ من تاريخ طرطوس مدينة [عمريت أو إمريت] وهي مدينة صغيرة تابعة لها أو قُل هي امتداد طبيعي لها من الناحية الجنوبية وبها معبد شهير وفريد من نوعه مبنيّ من الصخور ومُحاط معظمه بالماء.

كما يوجد بها بقايا ملعب رياضي كبير يقال إنه كان يتسع لأكثر من ١٢٠٠٠ متفرج ويظن علماء الآثار أنه يعود الي القرن ال ١٦ ق.م مما يعني أن سكان عمريت سبقوا اليونانيين في فكرة المسابقات والمنافسات الرياضية في الملاعب المفتوحة وهذا ما تؤكده النقوش والاكتشافات في هذه المنطقة.

كما يوجد في عمريت {الحوض المقدس} وهو عبارة عن حفرة في الصخر أبعادها تقريبا ٣٨×٤٨ متراً، وفي منتصفها هيكل يوضع فوقه تمثال الإله المعبود وبالقرب منه توجد مسلّة عمريت للإله (بعل).

كما توجد في عمريت مجموعة من المدافن القديمة ذات النقوش المبهرة وفيها دهاليز ونقوش، ووجد بها أوانٍ وأسلحة وبقايا ملابس وبعض العملات المعدنية.

وحديثاً تمكّن الغواصون الروس من اكتشاف بقايا قلعة رومانية تعود إلى القرن الأول الميلادي، تقع مباشرة قبالة ساحل طرطوس والذي يُعدّ من أجمل السواحل على البحر المتوسط.

وكان يقام فيها مهرجان سياحي متميز في شهر يوليو من كل عام ولا أعتقد أنه ما زال يقام بسبب الظروف الحالية.
ومن مزايا طرطوس الطبيعية تمتّعها بالطبيعة البكر من غابات وجبال خضراء وبحيرات ومصائف وفنادق ومجموعة من الشواطئ الجميلة والمطاعم والمواصلات.

فأنت عندما تقف في مواجهة الجبال المكسوة بالخضرة تشعر وكأنك في أوروبا الخضراء ولذلك يعتبر هذا الموقع العربي واحد من المواقع العربية القليلة التي تتمتع بهذه الميزة النسبية حيث أن معظم بلادنا العربية تتمتع بطقس حار لا يسمح بنمو الأشجار والنباتات فوق سفوح الجبال.

أتمنى ومعي كل العرب الأوفياء أن تعود سوريا إلى محيطها العربي وأن تنتهي كل مشاكلها حتى نستطيع يوماً ما أن نزور طرطوس ونستمتع بجمالها.
حفظ الله شعوبنا العربية

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights