2024
Adsense
مقالات صحفية

فارس من عمان في غزة

   خوله كامل الكردي

” نواحك ونحيبك لا ينفع! إن الله لم يشتر منك المشاعر الجياشة من غير عمل، ولم يطلب منك المناصرة بالدموع بل بالدم، وهذا أوان نصركم لدينكم أو تخاذلكم عنه… أهل غزة يموتون لصمت حكوماتنا عن العمل وكثرة كلامهم من غير فعل…غثاء كغثاء السيل، وفينا الوهن وحب الدنيا وكراهية الموت” كانت هذه أحدث تدوينة للطبيب العماني البطل خالد الشموسي الذي آثر البقاء في قطاع غزة ورفض المغادرة حينما جاءت أوامر إخلاء المنظمات الإغاثية من القطاع، ليؤدي واجبه الذي يمليه عليه دينه تجاه إخوته المظلومين المحزونين في فلسطين، مفضلاً أن يقدم لهم يد المساعدة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، في معمعة حرب مسعورة يشنها الاحتلال الإسرائيلي على أطفال ونساء وشيوخ غزة بلا أدنى رحمة، تظهر بلا ريب قمة الاستعلاء والوحشية التي يتمتع بها هذا المحتل الغاشم.

تلك هي أسمى معاني البسالة تتجلى بهذا الطبيب المقدام العماني العربي الأصيل، الذي رضع حب القدس والأقصى من صدر حرة بنت حر، تربى على حب دينه وعروقه تنبض بالوفاء والإخلاص للمبادئ العربية الأصيلة، وترعرع في بيت الرجولة علمته قيمة إغاثة الملهوف ونصرة أخوة الدين واللسان والحضارة والأرض، لم يتوان ولو للحظة واحدة لتضميد جراح المصابين ومواساة من فقدوا أحباءهم، ليضحى بلسماً شافياً يداوي القلوب النازفة من أوجاع التشتت والظلم والفراق. ألقى بحياته كلها خلف ظهره، لم يكن الطبيب الشموسي رجلاً فقيراً بل كان ميسور الحال يمتلك مركزاً صحياً معروفاً في منطقة صحم في سلطنة عمان العظيمة…وترك كل ذلك فعلاً، يا لك من طبيب إنسان!

ونسأل أنفسنا سؤالاً ربما يغيب عن أذهان الكثيرين: ما الذي حذا به أن يتخلى عن كل شيء، عن أعماله وأهله وحياته، مقبلاً لا مدبرا نحو أرض غزة هاشم والتي تعد الآن أكثر مكان خطر في العالم؟ الجواب بسيط للغاية… إنه نداء الإيمان وصوت وحدة العقيدة واجب المسلم تجاه أخيه المسلم.

عمان مازالت تعلمنا معنى الأصالة العربية والإخلاص للعقيدة، تنجب الأبطال واحداً تلو الآخر. فمن مثل هذا الفارس؟ الذي لم يرض أن يترجل عن صهوة جواده، بل ظل شامخاً رافعاً هامته عالياً وبيمينه يتشبث ببيرق الوفاء والإخلاص والانتماء الحقيقي لأمتيه العربية والإسلامية، قل نظيره في هذه الأوقات العصيبة من حياة أمتنا العربية والإسلامية، لا يبغي من ذلك سوى رضا الله الذي تجلى في مداواة وإغاثة إخوته المسلمين في قطاع غزة.

حفظك الله يا بطل وحفظ أهل غزة وفلسطين من كيد بني إسرائيل، والنصر قريب كما وعدنا الله تعالى في كتابه الحكيم، ساعتها سترجع إلى حضن أهلك مرفوع الهامة وقد ضممت إلى صدرك تراب الأقصى، فطوبى لك يا صاحب المروءة في زمن انعدمت فيه المروءة والنخوة، وبارك الله في أهلك الذين صبروا على لوعة فراقك وصبروا قربة إلى الله.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights