همجية دول الاختلال العظمى…!
خلفان بن ناصر الرواحي
نعم، إنه همجية والاختلال بعينه، وهذا ما حدث ويحدث في واقعنا المعاصر منذ عقود طويلة مضت حتى يومنا هذا، ونحن ما زلنا ننتظر الوهم الذي تسميه دول الاختلال العظمى؛ ” مشروع السلام العالمي!”؛ وهو في الواقع مجرد تلاعب بالعقول وتعبير غير واقعي ولا يمكن تصديقه إلا من قبل بعض العقول البشرية التي اختلت وصدّقت تلك المفاهيم والأبواق المتشدقة التي تدعي أنها دول ديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان وحقوق الشعوب…!
إن واقع عالمنا المعاصر لا يمكن أن يكون متوازنا ولا يمكن أن يتحقق فيه شيء من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل هذه الهمجية والكيل بمكيالين، فقد تشابكت التناقضات بين الحكومات والشعوب الأحرار، وبين عدم قدرتها في تغليب المصالح العليا التي تعزز الأمن والاستقرار العالمي وبين تحقيق أهدافها المرسومة لتقود العالم في حدّ زعمها، حتى في حدود الوطن الواحد في بعض الدول؛ سواء كانت تلك الدول المدعية بالتقدم -أو ما نسميها دول الاختلال- أو الدول الإسلامية والعربية وما يطلق عليها دول العالم الثالث من قبل دول الاختلال العظمى؛ حيث إنّ هناك حراكا وصحوة وصراعا ناشيئا بين الحكومات وبعض الشعوب الأحرار التي كانت تعيش في دائرة مغلقة عن العالم الخارجي من قبل سياسات حكوماتها لعدم معرفة الحقائق لما وراء البحار، وانكشف لديها قناع حكوماتها ووجهها الحقيقي بعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023 م، بعد انطلاقة شرارة طوفان الأقصى الجارف ضد حكومة الاحتلال الصهيوني المتغطرس، والمدعومة من دول الاختلال العظمى، ومساندة بعض الحكومات الإسلامية والعربية المطبعة!
نعم، إنها همجية دول الاختلال العظمى بحقيقتها، والتي أصبح بعضها في مأزق حقيقي لا تسطيع حكوماتها النفاذ منه نتيجة ضغط الشعوب الأحرار التي عرفت ما وراء الستار المخفي سابقاً عنها إعلامياً، والملطخ بالدماء والخبث والدهاء الذي تقوده مصالح المخططات الصهيونية التي تسيطر على اقتصاديات العالم بأسره، وأصبحت هذه الحكومات تحت ضغط كبير بين المطرقة والسندان، ويدعمها مساندة المطبعين وضعف ووهن الأمة الإسلامية والعربية، وانقياد أغلب الحكومات مع توجهات سياسية جديدة تقودها دول الاختلال العظمى، وهذا هو السبب وراء الانفلات الأمني والسياسي والاضطرابات والتقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وما نراه من دعم لجيش الاحتلال الصهيوني من دول الاختلال العظمى ليس حبا لها بقدر ما هو أن يأمنوا شرهم إن رجعوا إلى دولهم لتزيدهم عبئا ثقيلا لا يمكن تجاوزه مستقبلا…
فلهذا؛ على حكومات الدول الإسلامية والعربية على حد سواء أن تستيقظ من غفلتها قبل انفجار شعوبها التي أخذت تثور ويزيد غليناها يوما بعد يوم بما تراه من صحوة شعوب العالم دول الاختلال العظمى وربما الضمير الإنساني أجمع، فكل يوم نرى هناك التنديد من قبل الشعوب الأحرار ضد مواقف ودعم حكوماتها للكيان الصهيوني المجرم وما ارتكبه من مجازر ضد الشعب الفلسطيني وقطاع غزة على وجه الخصوص. فمهما طال الزمن أو قصر، فلن يكون هناك أي أدنى شك في حدث مهم سوف يقلب الواقع الذي يعيشه العالم الحالي ولا يعلم حقيقته إلا مدبر الكون، لنصرة دينه وعباده المرابطين.
وليعلم المتربعون في حكومات هذه الدول ومن على شاكلتهم أنّ حكمة الله نافذة لا محالة مهما كانوا يدبرون ويمكرون، ويتآمرون ويفعلون كلّ ما يبدو لهم؛ فالأمر في الأول وفي الآخر في يد الله وهو جلّ وتقدّس في علاه غالب على كلّ مكر، وكل ظلم، وكل استبداد، وكل قهر، ولتعلم أنك -أيها الظالم- لا تدري ما في أمر الله، وربما كان في أمره أن هذا المظلوم الّذي أنت قاهر عليه سيأتي اليوم الّذي يكون فيه قاهراً عليك؛ فافعلوا ما شئتم أيها المجرمون، وتأكدّوا أنّ تدابير القدر ليس في أيديكم منها شيء، وإنّما هي في يد واحد أحد، في يد الغالب على أمره، وإن كان أكثر النّاس لا يعلمون.