الصدق مع النفس
ريحاب أبو زيد
قال رب العزة في سورة الأحزاب:
(لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ).
الصدق صفة من الصفات الحميدة التي أمرنا بها رب العزة وذكرها في كثير من الآيات، فيجب علينا الالتزام بها لنشعر بالسعادة والنجاح ونكون سعداء في مختلف مجالات الحياة، ولكن لا بد أن نسأل أنفسنا هل نحن صادقين مع أنفسنا ؟
سؤال يجب أن نقف عنده، لأن المرء عندما يصدق مع نفسه يصدق مع الآخرين، فمن الواجب أن نكون صادقين مع الله أولاً ثم مع أنفسنا، لنصبح صادقين مع الآخرين وبالتالي نتعامل معهم برحمةٍ ومودةٍ وحبّ، حينها سنمشي على خُطى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ولو نظرنا إلى إيجابية هذا الحديث سنجد أن له تأثيراً إيجابياً كبيراً جدًا على الفرد والمجتمع، لذلك يجب (أن نقول ما نفعل أو نفعل ما نقول).
ولأن الإنسان الصادق يكون محبوبًا بين من حوله ويكتسب ثقتهم وينال الأجر من الله تعالى في الدنيا والآخرة، فنجد الصدق من أعظم الأخلاق، لأنه التزام بالقول الحق، ويبعدنا عن الكذب، و يجعل بيننا وبين الذنوب سورًا متينًا يحمينا ويبعدنا عن تلك الذنوب التي نهى الله عنها، ولا ننسى أن الصدق صفة الرسول عليه الصلاة والسلام، فكان لقبه بين أهل مكة (بالصادق الأمين). فمن الواجب علينا أن نقتدي بخير خلق الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
لا ننسى أن الصدق ليس قولًا فقط بل أفعالًا أيضًا ولذا أتذكر دائمًا قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
والمرء ليس بصادق في قوله
حتى يؤيد قوله بفعاله.
ولا ننسى أن الصدق سببٌ في نشر الخير والمحبة بين الناس، ويؤلف بين القلوب ويزرع بينها الثقة كما أنه يهدي إلى البرّ، و البر يهدي إلى الجنة. فيجب أن يكون الإنسان صادقًا في جميع شؤون حياته صغيرة كانت أم كبيرة، فمن صدق في أكبر الأشياء يصدق في أصغرها.
فالصدق مثل الضوء الذي ينير لنا الطريق ليبث حولنا شعاعاً من الفرح والسعادة والإيجابية وحب الحياة ويزرع داخلنا السكينة والطمأنينة، وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً ” .
الصدق مع النفس كالبذرة الطيبة التي تنبت شجرةً طيبةً ولا ننسى أن نزرع الصدق في قلوب أولادنا لتنبت برًا ومودةً ورحمةً؛ لننعم برضا الله وسعادة الدارين.