لا ضرر ولا ضِرار
الدكتور/ سعيد بن راشد بن سعيد الراشدي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد،،،
ببزوغ شمس ديننا الإسلامي الحنيف تغيرت الأحوال في كل مجالات الحياة المجتمعية، وأصبحت المجتمعات المسلمة مجتمعات تسودها الأخلاق الحميدة، وتعلو القيم النبيلة بين افراد المجتمع المسلم، من خلال التوجيه الرباني جل في عُلاه، والسيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وازكى التسليم، ومنها على سبيل المثال قيمة تحمل المسؤولية من قِبل كل الأفراد تجاه إخوانهم الآخرين ومجتمعهم الذي يعيشون فيه.
وفي مقالنا هذا بإذن من الله وتوفيقه سوف نتتاول إحدى المبادئ الهامة في ديننا الإسلامي الحنيف ألا وهو مبدأ لا ضرر ولا ضِرار، وأهمية تبني الأفراد له والعمل به في حياتهم، وأهمية ترسخ هذا المبدأ بالمجتمعات الإنسانية لأهميته في تنمية المجتمعات والمحافظة عليها.
يحثنا ديننا الإسلامي على ضرورة التنبه إلى الإضرار التي قد تلحق بالناس في مختلف جوانب حياتهم من خلال تصرفاتنا المعتادة في مختلف جوانب حياتنا اليومية، التي نعيشها ضمن مجتمعاتنا البشرية، والعمل على تجنب إلحاق الضرر بالآخرين، والعمل على إزالة الضرر متى ما وُجدَ، وهذا ما نجده في سيرة نبيننا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لا ضرر ولا ضرار” رواه مالك واحمد.
ومن خلال هذا الحديث الشريف يتبين لنا الكثير من الفوائد، والدروس، والعِبر التي تُبين لنا وتحثنا على إن الإنسان المسلم يجب عليه ألا يقوم بما يُلحق الضرَرَ والمشقة بالآخرين، وأيضا اجتناب مختلف المضرات في النفس والمال والأهل والعِرض بين أفراد المجتمع.
ونحن في وطننا العزيز عمان نُكابد كما تُكابد الإنسانية جمعاء في جميع أنحاء العالم للعام الثاني على التوالي تداعيات الجائحة العالمية والمسماة ” كوفيد 19″، على الرغم من الجهود التي تُبذل من مختلف دول العالم كافة؛ من خلال إجراء كثير من التجارب العلمية والأبحاث والدراسات المختلفة للتصدي لهذه الجائحة العالمية واحتواء ما تفرزه من تداعيات بشتى أنواعها، وعلى كافة الأصعدة الحياتية إلا إن دول العالم كافة عانت ومازالت تُعاني من هذه الجائحة، وتداعياتها على مختلف قطاعات الحياة.
وهنا نسأل الله تعالى أن يشملنا برحمته الواسعة فهو القادر على كل شيء، لذا يتطلبُ منا جميعا أن نكون يداً واحدة لمواجهة تداعيات هذه الجائحة، وأن نقوم بتطبيق هذا المبدأ ” لا ضرر ولا ضِرار” في حياتنا اليومية المعتادة، ومن خلال التقيد بالإجراءات الاحترازية التي وضعت من قِبل الجهات المعينة بهذا الشأن والمتمثلة بالقرارات التي تصدرها اللجنة العليا المكلفة بمتابعة تداعيات هذه الجائحة.
ولا يكفي ذلك بل يتوجب علينا مجاهدة النفس في التخلي عن بعض الممارسات السابقة التي تعودنا عليها، ونشر الوعي بين أفراد أُسرنا ومجتمعنا، والحرص كُل الحرص على استخدام كل ما يعيننا ويحفظنا من تداعيات هذه الجائحة.
وهنا نود أن نذكر بعض الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها كل فرد منا للحفاظ على سلامة نفسه، وأهله، وسلامة مجتمعه في وطننا العزيز؛ والتي نراها تكون ضمن هذا المبدأ الهام لا ضرر ولا ضرار وتتمثل في:
• الالتزام التام بالإجراءات المتخذة في هذا الشأن من قبل الجهات المعنية؛ لتجنب الإصابة لا قدر الله.
• ضرورة تغيير فكر ثقافتنا اليومية وممارساتنا المعتادة وتبني سلوكيات صحية سليمة.
• العمل على نشر ثقافة التقيد بالجوانب الصحية السليمة بين أفراد أسُرنا وأفراد المجتمع الذي نعيش فيه.
• يجب على كل من خالط أحد المصابين أن يقوم بتحمل مسؤوليته تجاه مجتمعه من خلال حجر نفسه والتزامه بذلك للفترة المحددة لذلك.
• المحافظة على الصحة العامة وصحة الآخرين بالمجتمع من خلال تجنب الاختلاط، وعدم إقامة التجمعات، واللقاءات بمختلف أشكالها حفاظاً على الصحة العامة لنا ولأفراد المجتمع.
• المبادرة الإيجابية لأخذ اللقاح المُعد لهذا الوباء حسب التعليمات الصادرة من جهة الاختصاص؛ لتعزيز المناعة لدينا بإذن الله تعالى.
وأخيراً نُذّكر بقوله تعالى في كتابه العزيز في سورة الصافات الآية 24: {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}. صدق الله العظيم، ونسأل الله سبحانه وتعالى في ختام مقالنا هذا أن يحفظ بلادنا العزيزة، وسلطاننا المفدى ويحفظنا جميعاً والعالم أجمع من هذا الوباء، وأن يُعجّل لنا بالشفاء فإنه هو جل جلاله القادر على كل شيء إنه سميع مٌجيب الدعاء.