2024
Adsense
مقالات صحفية

التكافل الاجتماعي في الإسلام

د. سعيد بن راشد بن سعيد الراشدي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد،
لقد عاشت الشعوب قبل بزوغ الدِّين الإسلامي الحنيف حياةً يسودها الظلم والاستعباد من قِبل الطبقات الغنية للطبقات الفقيرة والعاجزة، التي كانت تعيش حياة الجوع، والفقرِ، والحاجةِ، وكانت المجتمعات تنظرُ لهذه الفئةِ من الفقراءِ والمحتاجين نظرةً دونيّة، ونظرة استحقار.

وببزوغ شمس ديننا الإسلامي الحنيف تغيرت الأحوال في كل مجالات الحياة المجتمعية؛ فأصبح الناس سواسيةً كأسنان المشط، وأصبحت المجتمعات المسلمة مجتمعات يسودها التعاون وتحمّل المسؤولية من قِبل كل الأفراد تجاه إخوانهم الآخرين.

وفي مقالنا هذا بإذنٍ من الله وتوفيقه سوف نتتاول مفهوم التكافل الاجتماعي في ديننا الإسلامي الحنيف، وترسّخ هذا المفهوم بالمجتمع العماني الأصيل.
فالتكافل الاجتماعي بأبسط صوَره يتمثل في قيام أفراد المجتمع بالتعاون جميعاً فيما بينهم، ليكونوا صفاً واحداً؛ لتحقيق مصالحهم وتوفير الحياة الكريمة للجميع.

حيث بيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أهمية التعاون فيما يرضيه، والنهي عن التعاون في الإثم والعدوان حيث قال جلّ في عُلاه:
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” الآية (2) من سورة المائدة.

وقال الله تعالى في كتابه العزيز أيضاً:
كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ” الآيات (17، 18) من سورة الفجر.

وقال الله تعالى:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” الآية (36) من سورة النساء.

ولنا في سيرة نبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من الدروس والمواقف والعِبر التي تبيّن لنا أهمية التعاون والإخاء بين أفراد المجتمع المسلم؛ فبعد وصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة قام عليه الصلاة والسلام ببثّ روح التعاون ونشر دعائم الأخوّة بين المهاجرين والأنصار في المجتمع الإسلامي الجديد.

وعن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مَثَلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تَدَاعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى“.

وهنا يتضح لنا أن ديننا الإسلامي الحنيف قد اعتنى بصورةٍ كبيرة بالتكافل الاجتماعي بين الناس، واعتبر ذلك من القيم الإسلامية الحميدة، والتي سبق بها جميع القوانين الإنسانية الوضعية الحديثة.

ونحن في وطننا العزيز عمان نحمدُ الله تعالى على نعمة الأمن والأمان ونعمة القيَم الإسلامية الحميدة التي تربّى عليها جميع أفراد المجتمع العماني الأصيل، فنجد التعاون والألفة بين أفراد المجتمع بكلّ شرائحه، ونجد أن مفهوم التكافل الاجتماعي مترسخاً بجذوره العميقة في التربة العمانية، ويرتوي من تلك القيم الحميدة المنتشرة بين أفراد المجتمع العماني، فنجد تلك الأُلفة وذلك التعاون الحميم بين أفراد المجتمع. وهناك الكثير من الأمثلة التي تبيّن بجلاءٍ مفهوم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع العماني منها:
الرعاية الاجتماعية من قِبل حكومتنا الرشيدة للمحتاجين من أفراد المجتمع، وكذلك نجد العمل التطوعي في الفِرق الخيرية المنتشرة في كل محافظات السلطنة وفق أسُس نظامية محددة.

واخيراً يتبين لنا أن التكافل الاجتماعي هو من القيم الإسلامية النبيلة والحميدة التي أمرَنا بها ديننا الإسلامي، وحثّنا عليها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لما لذلك من جوانب إيجابية كبيرة تعود على المجتمع بالخير والسعادة والرفاهية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights