2024
Adsense
مقالات صحفية

1850 ريال عماني لا غير

أسماء الغبر

إلى هذا الوقت وأنا أكتب كلماتي في هذا الموضوع، لا أعرف ماذا أكتب وكيف أكتب.
1850 ريال عماني لجلب عاملة منزل، ناهيك عن (الألف ريال) الذي تدفعه للسفارة كضمان، وكذا حجز العاملة لمدة عشرة أيام في أحد الفنادق التي تطلب منك دفع عشرين ريالاً عمانياً يومياً، ثم إعادة فحص كورونا بخمسة وعشرين ريالاً، ثم تأتيك العاملة المنزلية مطالبةً بإجازةٍ كل يوم جمعة من الصباح حتى المساء، وأنت لا تعلم أين ذهبت ومع من، وبعد ستة أشهر كثرت أو قلّت تقول العاملة: “أنا لا أستطيع الاستمرار في العمل المتعب، وأرغب بالعمل في منزل آخر، أو أنا أريد السفر”، فيرحل كل ما دفعته في مهبّ الريح لتبدأ قصة ثانية مع عاملة منزل أخرى ومشقّة صرف كبرى.

هنا يصدق المثل القائل: “عندك تدفع قال لا، عندك تغرم قال نعم”.
1850 ريالاً عمانياً كافية لشراء سيارة مستعملة نظيفة، 1850 ريالاً عمانياً كافية لدفع إيجار لسكن مدة سنة وعدة شهور، 1850 ريالاً كافية لتأثيث منزل جديد، كافية لشراء شيءٍ من ذهب العروس، 1850ريالاً كافية ل… وكافية ل…!!!!.

الأدهى أن العاملة المنزلية إذا تقدمت بطلب عمل عاملة منزل هي من يدفع تذكرة السفر، وفحوصات الدخول، وتجديد جوازها أو إستخراج جواز جديد وووو .، وسابقا ولا أعلم إن كان الحال على ما هو عليه منهم من ياخذ أول راتب من راتبها كهدية تقديم خدمة  وووو…. الخ  !! . … الخ ،ما العبرة في كل هذا أهو تعجيز؟
أهو استغلال لحاجة الناس؟
أهو نية لبقاء المرأة في البيت؟
مبلغ طائل وهائل جداً، فمن الناس من يعجز عن دفع هكذا مبلغ، فالبيوت مشاغلها كثيرة وأعمالها لا تنتهي،  والأمراض الغريبة أرهقت الناس مادياً ونفسياً، والصراعات الاقتصادية بسبب الأحوال العالمية شقّت جيب المواطن، والضرائب أوجعت الفقير كثيراً، إدفع هنا وادفع هناك، واغرم بسبب كذا، ولأن القانون كذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

حقيقة موضوع جلب العاملات بهذا المبلغ مشكلة كبيرة لبيت تسكنه امرأة تجاوزت الخمسين عاماً ومعها والدتها المقعدة، وتريد أن تجلب عاملة تساعدها في نظافة البيت لتكون هي لرعاية أمها، مبلغ مرهق جداً لموظفة تربي أجيالاً وتراعي أمها، مكلفة لربّ أسرة يرعى والديه وأسرته، ألا يكفي أجرها الشهري والذي تجاوز المائة ريال ليصبح مائة وعشرين شهرياً، من أين لهم هذا وكل هذا؟ أليس هناك نظرة لهذا الموضوع العجيب، أليس هناك رحمة للمحتاج مرغماً لا تفاخراً أو تقليداً؟

واللهِ أفكر في 1850 ريالاً كلما تمرّ عاملة بيتنا أمامي فهي أُمّية وكبيرة سنّ، وقد بدأت خربشات الزمن على ذاكرتها تظهر، مع العلم أنها ترفض  السفر والعودة إلى موطنها رفضاً تاماً،  فمنذ فترة بسيطة أحضرت إحدى الأخوات عاملة جديدة بمبلغ 650 ريالاً فقط لصاحبة المكتب وحجزت في الفندق لمدة سبعة أيام بمبلغ الإيجار الذي طلبه الفندق، وبعد انتهاء مدة الحجز  أُُخِذت العاملة لإعادة فحص كورونا فكانت نتائجها إيجابية، واكُتشف أن العاملة مريضة ربو شديد، فتمّ إعادتها إلى المكتب بانتظار فتح المطارات لجلب عاملة أخرى، وعلى الكفيل إجراءات جديدة تشمل الفحوصات والإقامة الاحترازية، وادفع يا مواطن.

الحمد لله رب العالمين على كل حال والله المستعان، ليت كل من يتربعون على عروش المكاتب الرئيسية وبأيديهم أقلام الأوامر أن ينظروا لكل جانب من جوانب الظروف الحياتية والمعيشية للفرد والمجتمع، فليس كل مقتدر قادر، وليس كل مستطيع يستطيع.
انتهى

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights