ماهي العلامات الخمس الشائعة للالتهاب؟
د. عوف بن عبدالرحمن الخان
تتنوع الإلتهابات وتختلف مُسبباتها، ولكنْ قد تشترك معظمها في العلامات المُصاحبة.
يمكن تعريف الالتهاب بأنه ردّ فعلٍ طبيعيٍّ وقائيٍّ من الجسم تجاه العوامل البيولوجية أو الكيميائية أو الفيزيائية المسببة له، شريطة ألا تكون الإصابة من الدرجة التي تدمّر بنيتها وحيويتها في الحال.
تتمثل العوامل البيولوجية في الكائنات الدقيقة التي قد تسبب الالتهاب كالبكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات أو الكائنات وحيدة الخلية وغيرها.
وقد يظهر الالتهاب كذلك عند التعرض لمواد كيميائية مضرّة أو عند التعرض للكدمات أو الجروح أو الحروق أو الكسور.
ويجب أن يتوقف هذا رد الفعل الطبيعي عند التخلص من العامل المسبب، لكن إذا لم يتوقف في الوقت المناسب، ففي هذه الحالة يجب التدخل الطبي الفوري لمنع ظهور أعراضٍ حادّة وشديدة.
ويُنظر إلى الالتهاب على أنه جزءٌ من الشفاء، ولكنه في نفس الوقت استجابة غير مرغوب بها وقد تكون ضارّةً للجسم. علاوةً على ذلك، يُعتبر الالتهاب حَجر الزاوية في عِلم الأمراض من حيث أنّ التغييرات الملاحَظة هي دلالةٌ على الإصابة والمرض.
وهناك نوعان رئيسيّان للالتهابات، هما الالتهابات الحادّة والالتهابات المزمنة. الالتهاب الحادّ هو عبارةٌ عن سلسلةٍ من العمليات تبدأ بتدفّقٍ زائدٍ من الدّم إلى موضع الإصابة، مما يؤدي إلى تجمّع الدم والاحمرار والإرتفاع في درجة الحرارة، كتلك الالتهابات التي تصيب اللثة أو عند تعرض أحد الأطراف لآلةٍ حادة.
أما الالتهاب المزمن فيحدث عند إصابة الجهاز المناعي بخللٍ أو اضطرابات في قيامه بمهمته الرئيسية، حيث تبدأ خلايا الدم البيضاء المناعية بمهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة في الجسم وهو ما قد يتسبب في ظهور أمراض المناعة الذاتية.
ويشير البروفيسور والباحث البريطاني في جامعة شرق لندن نيفيل بونشارد وزملائه في المقال المنشور في المجلة العلمية للالتهابات إلى أن هناك خمس علاماتٍ مرئية تشترك فيها معظم الالتهابات وهي الاحمرار وارتفاع الحرارة والتورّم والشعور بالألم وفقد أو خلل في وظيفة العضو المصاب.
إن الاحمرار والإحساس بالحرارة ناتج عن زيادة حركة الدم عبر الأوعية المتوسعة في المنطقة المصابة وما حولها.
والتورم هو نتيجة لزيادة مرور السوائل من الأوعية الدموية المتوسعة والنفاذة إلى الأنسجة المحيطة بالعضو المصاب، وتسلل الخلايا إلى المنطقة المتضررة، وترسّب الأنسجة الضامة.
بينما يرجع الشعور بالألم إلى التأثيرات المباشرة للعوامل المسببة للالتهاب، إما من الضرر الأولي أو الناتج عن الاستجابة الإلتهابية نفسها، وتمدد الأعصاب الحسيّة بسبب الإصابة.
أما فقدان الوظيفة فيرجع مثلاً إلى فقدانٍ بسيط للحركة في المفصل، بسبب الكدمة والألم، أو لاستبدال الخلايا الوظيفية بالأنسجة المصابة.
من المسلّم به اليوم أن الالتهاب أكثر تعقيدًا مما قد يظهر لأول مرة من الوصف البسيط المذكور أعلاه، وهو استجابة رئيسية لجهاز المناعة لتلف الأنسجة والعدوى.
وهناك خلايا كثيرة وعمليات حيوية معقدة تشترك جميعها من أجل حماية الجسم من أي خللٍ قد يحصل أثناء حدوث الالتهاب وعملية الشفاء المصاحبة له.
في حين أن البحث في ماهية الالتهابات وأنواعها وطرق الوقاية منها وعلاجها قد أدى إلى تقدمٍ كبيرٍ في النصف الأخير من القرن العشرين، تبقى الحاجة لمزيدٍ من الأبحاث العلمية من أجل فهم وتفسير العمليات التي لا تزال مبهمة وغير مفهومة، ولتطوير العلاجات الحالية أو اكتشاف علاجات أكثر فعالية.