مقابر حديثة في الولايات
طالب بن مبارك المقبالي
ما زلنا نستخلص الدروس والعبر من جائحة كورونا -كوفيد 19- في مختلف مناحي الحياة على الصعيدين المحلي والدولي.
نعم إنها جائحة ونكبة اجتاحت العالم بأسره، وهذا أمر لا مفر منه، ولكن علينا أن نتوجه بالضراعة إلى المولى العلي القدير أن يرفع عنا هذا الوباء والبلاء وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.
فكما هو معلوم أن هذا الوباء خلف وراءه وفيات عديدة حول العام تناهز ثلاثة أرباع المليون، وفي بلادنا الحبيبة عمان تجاوزت أعداد الوفيات أربعمائة حالة وفاة موزعة على جميع محافظات السلطنة، وهي في ازدياد مضطرد يومًا بعد يوم.
وهنا تدعو الحاجة إلى توفير مقابر منظمة ومتطورة في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة تتبع البلديات في كل ولاية، وتجهز بالمرافق اللازمة والمعدات لهذا الغرض بالإضافة إلى سيارات نقل الموتى، ويكون ذلك ضمن مبنى متكامل يضم أماكن لغسل وتكفين الموتى تتكون من غرف مخصصة للرجال وللنساء الذين يشيعون الجنازات من ذوي المتوفي، بالإضافة إلى غرف مبردة لحفظ الموتى حتى موعد الدفن، وصالة مكيفة للصلاة على الأموات، ودورات مياه وأماكن للوضوء، وساحة خارجية لمواقف السيارات، وسكن للعمال، وغيره من المرافق الضرورية.
كما يُعين لها موظفون مختصون في هذا الشأن من حفارين ومختصون في التغسيل والتكفين والدفن والصلاة على الأموات، وفي كل مقبرة يتم عمل سجلات إلكترونية مربوطة بالمستشفيات ومراكز الشرطة ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وغيرها من المؤسسات المعنية.
هذه المقابر لن تكون مختصة لحالات الوفاة من وباء كورونا وإنما ستكون لجميع حالات الوفاة في الولاية، ويُخصص لها مساحة كبيرة تستوعب حالات الوفيات في مختلف أرجاء كل ولاية.
وهناك تجارب ناجحة للمقابر التابعة لبلدية مسقط، ونريدها ذات جاهزية وتطور، حيث تشمل الربط الإلكتروني بين المؤسسات المعنية، وتكون لها إدارة مستقلة في تسيير العمل.
فكما للحي من حقوق فإن للميت أيضاً حقوق، وهذه المقابر ستكون مهيأة لاستقبال حالات الوفيات.
ومن خلال التجربة مع حالات الوفاة بوباء كورونا -كوفيد 19- لاحظنا أن وزارة الصحة قد قامت بدفن الموتى في مقابر معينة بالولايات بحيث تم تخصيص عدد من المقابر لموتى كورونا في كل مقبرة من مقابر الولايات التابعة لكل محافظة.
فقد كان هناك عدد من المتطوعين من أبناء الولايات نذروا أنفسهم لخدمة هذه المقابر لدفن الموتى رغم صعوبة الوضع في كيفية دفن موتى هذا الوباء والتي تختلف كليًا عما عهده الناس في دفن موتاهم والذي يبدأ بتغسيل وتكفين الأموات ثم دفنهم.
وكانت جريدة الشبيبة قد نشرت تقريرًا عن قيام بلدية مسقط بتطوير مقبرة العامرات بمحافظة مسقط نشر بتاريخ ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ من خلال إنشاء عدد من المباني الأساسية والمرافق الخدمية ومواقف المركبات والاستراحات المظللة لمستخدمي المكان، وتحمل في جنباتها العناصر الضرورية التي تحتاجها المقبرة، وتتمثل في توفير مبنى إداري يتضمن مكاتبًا وقاعاتِ انتظار، ومبنى غسل الموتى، ومصلى ومبان ٍ خدمية للعمال بمختلف ملحقاتها.
ولهذا تأتي هذه المناشدة في إطار الحاجة الملحة لتطوير هذا الجانب من قبل وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه لما له من أهمية في تسهيل عملية إكرام الموتى.