العداوة بين الأقارب
حبيب بن مبارك الحبسي
الخلافات بين الأقارب تتفاوت بين أسرة وأخرى، وأغلب أسبابها يمكن أن يكون في سوء تفاهم أو ظلم حقوق أو تدخل أطراف مغرضة في نقل الكلام ولم تعطْ للأقارب مساحة للتفاهم أو قنوات للتواصل؛ وبالتالي غلقت الأبواب وعلقت المواضيع بالقطيعة بين الأرحام والتي زادت الطين بلة لها تدخل الأولاد، وتفاقمت المشكلة وغلت القلوب نارا وتقاربت مع البعيد .. وباحت بكل ما هو مدفون ولم تراع علاقة القرابة ومكانة الأب والأم وضاعت المحبة في بحار القيل والقال للجميع لمعرفة سبب عدم التواصل بين الأسر.
الأصل بين الأسرة ذات الرحم والأقارب؛ هو الرحمة والمحبة والغيرة والدفاع عن كل ما يعكر صفوها، وليس التطاحن والتطاول أيها المفتونون بغرام التباعد بين الأخوة والأخوات، أفيقوا فالعمر سريع .. لن تخلّدون .. سترحلون عن قريب. ما أكثر القصص والمواقف التي سمعنا عنها حول قطيعة الأرحام و كان لا بد من الأسرة ذاتها أن تتوسط بين الأطراف .. لا أن تسمح للغريب بالتدخل لأن طرف الأهل المحايد سيحترم وسيغطي على كل العيوب وسيقرب وجهات النظر إلى نقاط متفقة ليجتمع حولها الأطراف المختلفة، وإبقائنا متفرجين مع ذروة الخلاف نجد كلا المتخاصمين يسبق إلى حشد مناصريه وتشويه سمعة الآخر، وهكذا ينمو الخلاف مع قسوة القلوب.
استبدلت عبارات تؤجج نار الفتن بين الأقارب، فمن قال الأقارب عقارب قاتله الله، فالأقارب سند وقوة وحمية وأهل .. والأصدق على ذلك وقت المصيبة يختفي الخلاف من على السطح.
لا حب أصفى وأنقى من حب العائلة .. ولا قلب أحن من قلب الأخ على أخيه .. لماذا نحول الخلاف بين الأخوين إلى عداء بين كل أفراد الأسرة؟! و لماذا لا نحتوي خلافاتنا وتبقى بعيدة عن الأولاد والزوجات؟ لماذا نظلم الأخوة والأخوات في توزيع الميراث؟ ولماذا نجعل للشيطان بيننا سبيل؟
لنربي أبنائنا على أن العم أب وباقي ذوات القربى الخال والعمة والجد والجدة كل هؤلاء روافد نشرب منها كلما ظمأنا عطش المحبة لأن منبعها واحد.
لماذا نزرع الحقد والكره في نفوس أبنائنا تجاه الأقارب؟! .. فالكل راحل والخلافات راحلة إلا المحبة والذكرى والحنين والندم لا يمكن أن يصلح ما رحل .. نحن مسؤولون عن انهيار هذا الوضع وسنحاسب عليه يوم القيامة .. وعند فراق أحد الأخوة المتخاصمين صدقوني كلمة “سامحني” تأتي متأخرة ليس لها طعم ولا ذوق ولا إحساس ولا تصلح ما أفسد .. فعلينا المبادرة إلى لملمة كل الجراحات المثخنة بين الأقارب وخاصة الأخوة والأخوات، فاليوم أكبر فرصة متاحة ولا نجعل للشيطان وأعوانه طريقا بيننا .. بادر أنت القوي. ..
بادر حتى لو كنت أنت الأكبر.
أنت كبير بتواضعك وحبك وأخلاقك وحسن العشرة .. بادر حتى لو كنت صاحب الحق .. بادر وتنازل ستجد نفسك تعيش أرقى أيامك الجميلة .. الأخ والأخت لا يعوضان.
البركة كل البركة في صلة الرحم و التغاضي والتجاهل مكاسب كل القلوب … أخيراً اسألوا الذين عاشوا مآسي القيل والقال ومعمعة سوء التفاهم مع الأخوة والأخوات وحدث بينهم تقطيع أوشاج القرابة بمجرد يذكر اسم الأخ أو الأخت المتوفاة ينهمر بكاء وندامة وحسرة .. واسألوا الذين يعيشون ذروة الخلاف مع الأقارب تجدهم يعيشون متوترين ومنزعجين بالرغم لديهم كل ما يريدون ولكنهم غير مرتاحين نفسيا .. وتجدهم يتابعون أخبار كل فرد في الأسرة ويريدون أن يقتربوا ولكن حبائل الشيطان وأعوانه بين مد وجزر.
عيشوا ما تبقى لكم من عمرٍ في هذه الحياة فلا الخلاف سيبقى ولا الميراث سيصمد ولا المحرضين يتوقفون.
اللهم جنبنا كل أسباب الفرقة والخصام .. وحبب إلينا حسن المعاشرة مع الأهل ..اجعلنا سمحاء لا نؤذي ولا نؤذى.