الخميس: 24 أبريل 2025م - العدد رقم 2530
Adsense
مقالات صحفية

ومضات من قيادة فرق العمل

يوسف بن عبيد الكيومي..
مدرب القيادة الإدارية والقيادة التربوية..

خلق الله تعالى الإنسان ليجد نفسه مخلوقا بشرياً اجتماعيا، بدايةً من أول يوم في حياته بعد ولادته؛ ليصبح في أول جماعة تكون في حياته؛ ألا وهي أسرته التي ينتمي إليها.
يكبر ذلك الإنسان ليعيش مع أفراد وجماعات متتالية في البيت والمجتمع والمدرسة والمسجد والنادي وغيرها من الجماعات المفيدة لتكوينه، بحيث ينمو لينظم للجماعات الجامعية وجماعات العمل، لإنجاز أعمال متنوعة يتطلب منه عملها في مسيرة حياته المتدرجة؛ وهذا يعني أن الإنسان يعيش وسط الجماعات منذ نعومة أظفاره؛ لما لها من ضرورة كبيرة في أمور حياته المتجددة.
لهذا تعتمد مختلف المؤسسات على جماعات العمل المتنوعة بهدف تحقيق أهدافه الإستراتيجية والتشغيلية معاً.
تنظر المؤسسات إلى القائد الناجح التي تعتمد قيادته على مهارات وأساليب ناجعة لبناء فريق عمل يمتلك مجموعة كبيرة من تلك المهارات والأساليب المذكورة سلفاً، يكون فريقاً ناجحاً يجعل كل عضو بالفريق لديه الإحساس بقيمته الفردية، وكذلك انتمائه لفريق العمل من خلال تحفيز الأعضاء المنتجين، والاعتراف علناً بمستوى الأداء الجيد الذي ينتجه الأعضاء؛ مما يجعله مدافعاً عن مصالح فريق العمل لدى الإدارات العليا، وكذلك قادراً في الرد المقنع على مختلف الاستفسارات، والمشكلات التي تعترض فريق العمل وقت الحاجة.
ويقصد بفرق العمل مجموعة من الأشخاص لهم هدف واحد مشترك تتناسب أعمالهم ومهاراتهم مع الآخرين بالفريق بهدف تحقيق أهدافه بطرق أكثر فعالية وإنتاجية.
لبناء فريق عمل ناجح يجب أن يضع قائد المؤسسة عدة خصائص نصب عينيه، وتتمثل في العقلية الموجهة نحو الهدف، وهنا لا بد أولاً أن لا يغامر القائد في عضوية الأفراد الذين يحتاج لهم في فريقه، بل لا بد عليه من التخلي عن المجاملات والصداقات والعاطفة، فيختار من هم أهل لذلك مع دقة الاطلاع على الشهادات العلمية لكل عضو وتخصصه الدقيق أو العميق وقدرات كل عضو؛ بحيث لا بد من اختلاف المهام لكل عضو على حده، بعد تحديد الأهداف وطرق تنفيذها ومن ثم متابعة إجراءات التنفيذ وفترة تنفيذها وذلك لزيادة الكفاءة لدى الأفراد وتحسين مستوى الإنتاجية لديهم. ومن ثم بعد الوقوف على السيرة الذاتية لكل منهم، وعلى كل عضو منهم الالتزام بدوره ومهامه الموكلة له في الفريق، وهنا سيظهر الحماس في العمل لأن جميع الأفراد وضعوا حسب ما يتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم ومهاراتهم وكفاءتهم وقدراتهم، ومع أخذ مدة من العمل المستمر بالفريق لا بد من انفتاح القائد والأعضاء على التعلم المستمر كتنمية مهنية، بحيث تعمل بعض الفرق على تحسين وتعديل الأدوار والمسئوليات تماشياً مع احتياجات كل منهم، أو حتى كتعديل بعض جوانب المشروع المعد؛ مما سيظهر النمو المهني الجماعي من خلال النمو المهني الفردي لكل فرد بالفريق، من خلال تنمية معارفه ومهارته عملاً لإكمال مهامه الأساسية بالمشروع.
على قائد الفريق تشجيع الأعضاء على الابتكار والابداع؛ وهذا لن يتأتي إلا من خلال تنوع وجهات النظر والتجارب التي مر بها الأعضاء في الفريق، فكلما كانت لدى الفريق مجموعة من أهل الخبرة والرأي كان أداء الفريق أفضل في أداء المهمة.
كما يجب أن تكون لديهم ثقافة مشتركة تشمل الجميع، سواء ثقافة المؤسسة بشكل عام أو الفريق بشكل خاص؛ لأن الفرق التي تشتغل بمهمة موحدة دائماً ما تكون أكثر تحفيزاً وانتاجية.
التواصل الفعال بين جميع الأفراد لا بد أن يأخذ جميع أشكاله ليسهل عليهم إنجاز المهمة المطلوبة من خلال عقد جلسات العصف الذهني أو أتباع ممارسات مهنية معينة تؤدي إلى تقديم تقارير محفزة ودائمة لسير العمل ليسهم في إكمال الأعضاء لمهامهم.
كل عضو يجب أن يعي بأن هنالك مسؤولية يتحملها قائد الفريق ومساءلة يتحملها هو كعضو وقت التأخر في إنهاء المهمة الموكلة له، ويخضع كل عضو في الفريق لنفس المعايير.
كل ما سبق يحتاج إلى قائد فريق مبادر، يقدم توجيهات واضحة لأعضاء الفريق كل حسب دوره، ويبادر على المتابعة القريبة والجلوس مع كل عضو ومشاركة الأفكار وغيرها، وتشجيعه لهم؛ الأمر الذي سيقود الفريق حتماً للنجاح وبناء فريق عمل ناجح من خلال قيادته الناجحة لهم.
ولرفع مستوى أعضاء الفريق، لا بد من أن يتخذ القائد بعض الإجراءات التي تساعد على تطويرهم؛ ومنها تحديده أسلوب عمله وقيادته في بداية عمله كقائد للفريق، لهذا يجب أن يعرف كل عضو أسلوب تنفيذه للعمل وأسلوب قيادته للفريق؛ وهذا سيتم التوصل إليه من خلال التعليمات التي يقدمها القائد وأسلوب العمل الذي ينهجه ويتبعه ليجعل الأفراد أصحاب إنتاجية عالية.
وعلى قائد الفريق أن يكون واضحاً مع أعضاء الفريق من خلال التعامل مع الأعضاء، فقربه منهم سيمنحه فهمهم، ومن ثم تحديد أدوارهم ومسؤولياتهم في الفريق بشكل دقيق.
ولتطور مهارات أعضاء الفريق بصورة واضحة على القائد أن يتركهم يتخذون قرارات مهمة أثناء قيامهم بمهامهم في الفريق، بمعنى منحهم التفويض الرسمي في صنع القرار بأيديهم في بعض الجوانب المرتبطة بالمشروع، وقائد الفريق لا بد أن يكون مستمعاً متميزاً لأعضاء فريقه؛ فكل ما كان مستمعاً لهم، كان مهتماً بهم ويعمل جاداً على فهمهم والوقوف معهم في وجه التحديات التي تعترضهم؛ الأمر الذي يسهم في تبادل الحوار وتلقي التعليمات بين الطرفين؛ فتتجدد ثقافة تبادل الأفكار والآراء فيما بينهم فتزيل عنهم الخوف والرهبة.
ولا بد أن يعمل القائد على تحسين عقلية النمو لدى أعضاء الفريق من خلال العمل على تحسين قدراتهم المتنوعة وتشجيعهم على تطويرها بشكل دائم.
و القائد الناجح لا بد أن يوفر التدريب المناسب لأعضاء فريقه من خلال إلحاقهم بالتدريب الشخصي الفردي الذي يسهم في تطوير مهاراتهم وقدراتهم التي تعمل على تجديد لياقتهم العقلية؛ مما يزيد من مستوى إنتاجيتهم مما يجعلهم يتمسكون بفريق العمل بصورة أكبر.
في الختام لا بد من تقييم نجاح الفريق، وهنا يجب أن يقوم القائد بتقييمهم من خلال أداء كل عضو ومجموعة المهارات والقدرات التي قدمها لإنجاح المشروع بشكل عام، مع قياسه مستويات الإنتاج حتى يتمكن من تقديم الدعم اللازم للفريق بهدف تحسين أساليب الأداء والعمليات مستقبلاً مستخدماً، أي من أنواع تصنيف وقياس الإنتاج المتعارف عليه مؤسسياً؛ واستبيان قياس الأداء الجماعي والفردي لأعضاء الفريق؛ حتى يضمن القائد نجاح الفريق في إنهاء مهامه وتحقيق أهداف المشروع المراد تحقيقها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights