سامح بن سالم الشكيلي
إن المرسوم السلطاني رقم 36/2022 الذي يعني بإصدار نظام المحافظات، يعد تشريعاً جاداً للسعي نحو الارتقاء بمحافظات السلطنة وتطويرها من خلال ما جاء به من مواد، وأبرزها المادة (6) التي توضح اختصاصات المحافظة في نطاقها الجغرافي، ومن اختصاصات المحافظة تنفيذ المشاريع الإنمائية الخاصة بالمحافظة، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، والعمل على الاستفادة من المقومات المختلفة في المحافظة.
ومن خلال مكاتب المحافظين، سعت العديد من المحافظات سعياً حثيثاً لتنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات لاستقطاب زائرين من داخل سلطنة عُمان وخارجها، وتعد هذه الفعاليات والمهرجانات إحدى عوامل الجذب للولايات، وعلى الرغم من أن تلك المحافظات تعاني من هشاشة أو ضعف في البنية التحتية، خاصة المرافق الخدمية والطرق الحديثة وتهيئة المواقع السياحية، إلا أن ما جاء به المرسوم السلطاني وبتخصيصه ميزانية مالية لتسهيل القيام بما أورده من اختصاصات؛ اتجهت أغلب المحافظات لتنظيم ما يحقق الترفيه لأبناء هذه الولايات، وإيجاد فرص عمل مؤقتة، وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإيجاد سبل للترويج السياحي والاقتصادي.
ويعد الإعلام الوسيلة الوحيدة التي تحرك القطاع السياحي في أي بلد كان من خلال الترويج الصحيح لها وإبراز الصورة المشرقة للبلد، وتسخير الإعلام في هذا القطاع يكوّن قوة ناعمة قادرة على إحداث تقدماً ملحوظاً في مؤشرات الاقتصاد الوطني، ولكن قبل أن تتم عملية الترويج، من الأجدى أن نسعى لتهيئة أبرز المواقع السياحية وتطويرها المستمر، لتحقيق أهداف السياحة والتنمية المستدامة؛ لأن المهرجانات المنظمة قد تشهد ضعفاً في حركة الزائرين وقد تكبد المحافظة والعاملين عليها خسائر غير مأمولة، وعلى النقيض تماماً عندما تتحقق التنمية وتنشأ البنية التحتية على مستوى عالٍ من شوارع وحدائق وفنادق ومطاعم ومرافق خدمية التي تخدم الزائرين المستهدفين في الفترة الراهنة والمستقبلية؛ تصبح المهرجانات إحدى الركائز الأساسية والمهمة التي يمكن للمحافظة أن تستعين بها في عمليات الترويج والتسويق السياحي، كما أن أسلوب إقناع المستهدفين وجذبهم يصبح أمر هين في ظل توفر متطلبات السائح لما يحقق رغباته وأهدافه.
فعلى مكاتب المحافظين والقائمين عليها، أن يغيروا اتجاه البوصلة، من تنظيم المهرجانات الترفيهية، إلى تعبئة البنية التحتية وتهيئتها التهيئة المثلى، ليتسنى لهم بعد ذلك إقامة أنشطة وفعاليات مستدامة، فليس من المنطق أن نطلق على مهرجان على أنه سياحي، ونطلق الشعارات البراقة عليه، والمحافظة تعاني من الهشاشة في البنية التحتية أو فقر المرافق الخدمية التي ترسم صورة ذهنية لدى عقول الزائرين أو السائحين؛ فالمعادلة الحقيقية أن نبدأ من القاعدة ثم إلى القمة، لا أن نسعى إلى القمة قبل تأسيس قاعدة متينة وصلبة تضمن لنا استدامة البناء الحقيقي الذي يحقق العوائد الاقتصادية والتحسينات الإجتماعية حتى الوصول إلى الرفاهية، وهذه المعادلة يمكن أن تنطبق على المهرجانات القائمة في المحافظات.
