الخواطر
على مفترق فصل

مريم الشكيلية
أعلم أنك لن تقرأ لي منذ ذاك المساء الشتائي المظلم.
وأعلم إنك لن تفتح صندوق بريدك لتعيد قراءة حديث طويل تُرك كأنه كومة مفردات علقت فوق سلك هاتف وهميّ.
يا لتلك المدينة البيضاء التي لم ألتقيك فيها إلا من خلال سطر وضوء.
ويا لتلك الأشياء التي حدثْتني عنها، وتركتْ في داخلي موجة حنين وشجن.
أتعلم؟ منذ غيابك الخاطف، لم تتفتح زنبقة مشتلي، ولم تزهر كلمات محبرتي. منذ رحيلك المهيب، رميتُ ظفيرة شعري الطويل، وكبرتُ ثلاث سنوات في لمح البصر.
يا أنت، كل ذاك الخوف الذي حدثتكَ عنه، ذاب في فنجان قهوتي كل صباح وأنا أنتظر ظلالك، وضوءك، وشطر حديثك الذي خبأته كقنديلٍ مشتعل في عزلتي.
ما يحيرني فعلاً، هو كيف لي أن أسير على قدماي بعد ذاك الانقطاع المبتور من نصّ أبجديتي؟ وما أتعجب منه هو: كيف لمفرداتي أن تزهر، وهي تُركت في زاوية بريد صامت؟