سلة الخبز
بدرية السيابية
نهضت فاطمة على صوت الآذان، والديك يصيح فوق جدار بيتها معلنا عن صباح ويوم جديد تفوح منه رائحة الأمل والتوكل على الله،، فاطمه كعادتها تنهض باكراً لتصلي وتدعو الله بأن يوفقها وأن ترعاها عين الله أينما حلت ورحلت، هي إمرأه وحيدة تعيش في بيت بسيط ومتواضع كتواضع حياتها المريحة لنفسها.
تحب الخير للجميع فكانت تعمل وتجتهد لتكسب مالاً حلالاً من عرق جبينها فكانت تشتري الطحين بمبلغ زهيد وتعجنه وتخمره وبعدها تخبزه، ليكون طعمه لذيذ المذاق وترش عليه بعض حبيبات السكر وتنزل به للسوق وتترزق بما قسمه الله لها من خير في كل صباح، يبعد السوق عن منزل فاطمة مسافة طويلة
فهي تتحمل مشقة الطريق بالمشي وترتدي حذاء باليا قد مر عليه الزمن وأصبح قديماً متقطعا فكانت تعيد خياطته كل مرة ولكن هذه المرة لم يصمد الحذاء كثيراً،فنزعته من قدميها ووضعته على صخرة وقالت ضاحكة لعل هنالك من يجدك ويهتم بك أكثر مني ولو أنني متيقنة أنه لن يأخذك أحد، فالناس دائما تجدد وتحب التغير ولكن ساضعك في هذا المكان وأعتذر منك يا حذائي.
بعدها واصلت السير إلى أن وصلت إلى السوق وجدت مكانها قد أخذه أحد التجار ليبيع فيه بضاعته المتنوعة من كل الأصناف من ملابس واحذية وعطور وكثير من الأدوات، وقفت فاطمة مذهولة والخبز ملفوف في سلة متوسطة الحجم، وظلت عيناها تنتظر وتراقب وتبحث عن مكاناً لتضع تعبها وجهدها إلى أن وجدت مكان صغيراً ضيقا يكاد الناس تنظر إليه، ولكنها لم تستسلم فقالت : إن الله سيرزقني مثل ما رزقهم وأكثر، وبعد ساعات من الإنتظار فقدت فاطمة الأمل وحل الظلام ليسدل بستاره، ولفت الخبز في سلتها لتعود أدراجها إلى البيت.
لفت نظر فاطمة منظر رجل فقير يجلس على صخرة وجسمه هزيل وشعره طويل وملابسه قديمة، اقتربت منه وقالت له :هل أنت جائع؟ فهز رأسه فكرت بأن تعطي هذا الرجل كل الخبز الموجود في السلة فقالت له : الفقر ليس عيباً ولكن الحياة قاسية قليلاً فأنت تستطيع أن تعمل وتجتهد ويكتب الله لك حياة جديدة نظيفة، فرح الرجل بالخبز والكلام المفعم بالإيجابية للحياة.
عادت فاطمة إلى البيت وفي يدها مصباح يضئ لها طريقها المظلم وهي تحمد الله على كل حال، إلى أن صادفت الحذاء في طريقها ولكن هذه المرة حدثته بحزن بدون إبتسامتها وقالت :لم يأخذك أحد من الطريق فكتب الله لك بأن تكون لي للأبد، لبست الحذاء والحزن يملؤ تعابير وجهها والدمعة قريبة من عينيها، وواصلت السير.
وعند وصولها لبيتها وجدت عند الباب سلة مملوءة بالخبز مع كيس فيه نقود وشكرت الله على النعم وحاولت فاطمة أن تعرف مصدر هذا الرزق ولكن بدون جدوى، فهذا جزاء الإحسان فيما يقدمه الإنسان في هذه الحياة وتأكد بأن الأرزاق بيد الله وحده ولا نسيئ الظن بالله والآخرين
ملاحظة إسم الشخصية من نسج الخيال