ذكريات…
بدرية السيابية
كعادته يشرب قهوته وعلى يمينه فوق طاولته كتاب،غلافه مطبوع بأوراق الخريف، يجلس على زاوية من غرفته العالية المطلة على شاطئ البحر، والستائر المعلقة بغرفته ترفرفها نسمات الهواء ، يرتشف قليلا من تلك القهوة تارة وتارة أخرى ينظر لصفحات كتابه ، يقرأ قليلا وينظر قليلا لصفاء السماء عبر نافذته ، لربما أخذته الذكريات بعيدا ،يعيدها بهدوء وابتسامته لا تفارق شفتيه ،وظل هكذا طويلا على كرسيه الهزاز الخشبي، وكلها لحظات واغمض عينه لبرهة ، ليسمع قرعا على باب غرفته ، ودخل عليه طفل صغير،حاملا بين يديه لعبته ذات الألوان الزاهية، والتي كانت تسر العين لمجرد النظر إليها ، فابتسم له إبتسامة فرح ،فاقترب منه ليحدثه قليلا، ويسأل عن أحواله وكأنه لم يره منذ سنوات طويلة.
أعادته الذكريات إلى أيام قد إشتاق إليها كثيرا، أيام الطفولة الجميلة ، شقاوته ،ضحكاته ،اصدقأه أصحاب القلوب الطيبة بعد ساعات من ذاك الحوار المريح سقط من يده الكتاب، فأستيقظ على صوت عصفور واقف على نافذة غرفته ،معلنا نهاية حلم وحوارا قد انتهى مع مرور الزمن ، أخذ الكتاب ورفعه بأعلى مكان ،مغلقا معه ذكرياته الطيبة ، فهي ذكريات لن تنسى .