2025
Adsense
قصص وروايات

قصة قصيرة الجريمة (الجزء الثامن)

 خلفان بن علي بن خميس الرواحي

دخلت “عبير” إلى غرفة التحقيقات، وهي لا تعرف لماذا تم طلب حضورها مرة أخرى، ولكن وضعها هذه المرة أفضل من سابقتها، جلست مواجهة لزوجها “غسان” كانت تنظر إليه نظرات عتاب، وهو يبادلها النظرات، ولكنها كانت اعتذار وتأسف، خلال ذلك قال الملازم “قيس” لغسان: تفضل تحدث هذه زوجتك موجودة ونحن جميعا نستمع إليك. يعدل “غسان” من جلسته وينظر إلى الملازم “قيس” وزوجته وبعدها يبدأ في الحديث، القضية التي كانت تشغل بالي طوال الفترة الماضية ليس لها علاقة بقضية السيارة وكذلك لا ترتبط كثيرا بتردد “سعود” على بيتي خلال هذه الفترة. الملازم “قيس”: طيب “غسان” هذا الأمر قد قلته من قبل نحن نريد الجديد.
في تلك اللحظة يحول نظره إلى زوجته ويقف ويقبل رأسها أمام الجميع وهي في حالة استغراب مما يحدث ويقول لها: أنا آسف أعتذر منك. تنظر إليه “عبير”: خيرا أن شاء الله ماذا هناك؟ ينزل رأسه ويبدأ في البكاء تقف “عبير” وتقترب منه. أصبح الجو عائلي وعاطفي وهناك أمر ما، مازال لم يظهر والجميع ينتظر “غسان” حتى يتكلم وتتلاشى الغمامة السوداء التي غطت المكان.
في تلك اللحظة هناك طرقات على الباب تشتت الصمت الذي عم الغرفة، بعدها يفتح الباب فرد من أفراد الشرطة يستأذن الملازم “قيس”: عذرا سيدي، إذا ممكن نريدك لأمر هام. ينظر إليه الملازم “قيس” في عصبية: ألا ترى أني الآن في عمل مهم كذلك! الشرطي: عذرا سيدي، ولكن الموضوع معنا أهم، وعندما تعرف سوف تعذرنا. ينهض الملازم “قيس” من مكتبه وقبل خروجه يخاطب “غسان” سوف أعود لكما بعد لحظات.
يخرج الملازم “قيس” من غرفة التحقيقات ويرافق الشرطي إلى مكان آخر في المركز، مازال “غسان” لم يتحدث عن الأمر ومازالت “عبير” تنتظر فهل سيطول ذلك الانتظار حتى يعود الملازم أم تطلب من زوجها إكمال الحديث وهذا مخالف لأوامر الملازم الذي يرغب في الاستماع إلى القصة كذلك من “غسان”؟ نظراتها إليه فيها شك مختلف عما كان قبل، وفي داخلها تقول: أيعقل أنه متزوج علي؟ وأنا لا أعرف طوال هذه الفترة، ربما يكون سبب زواجه أنني لم أنجب بعد وفاة ابنتنا ولديه الرغبة في الأولاد، لكن لماذا لم يكلمني من قبل، كان راضيا بالوضع الذي نحن عليه. تلك الأفكار التي شغلت ذهن “عبير” ولم تجد لها إجابات حتى الآن، لم يتفوه “غسان” بأي كلمة ظل صامتا ينتظر عودة الملازم.
وصل الملازم “قيس” مع الشرطي إلى المكان وتفاجأ بحضور نفس الرجل السابق الذي جاء للمركز وقدم إفادته حول الشخص المتوفي في حادثة السيارة، سلم عليه ثم جلس في أحد الكراسي الجانبية وهو ينظر إليه بعين الاستغراب دون أن يحدثه في البداية. الشرطي: يشير إلى الرجل، يقول إن لديه معلومات أخرى في موضوع القضية سيدي. يرفع الملازم “قيس” رأسه وينظر إلى الشرطي وأشار إليه بأن يواصل الحديث معه، ويخرج جهازه النقال من جيبه ويتصف فيه متجاهلا الرجل الجالس أمامه. الشرطي: كنت تقول إن لديك معلومات ثانية عن القضية، وطلبت حضور الملازم “قيس” وهذا هو أمامك فقل ما عندك. الرجل: يوجه نظره للملازم، سمعت أن الرجل المقتول في الحادثة تشاجر مع أحد الأشخاص الذين كان يتردد عليهم. الشرطي: الأمر طبيعي يحدث بين هؤلاء في مثل تلك الجلسات وتصلنا الكثير منها يوميا. الرجل: ما سمعته أن المقتول كان يهدد أحد الأفراد الذين معه دائما بأمر ما، وهذه ليست المرة الأولى. الشرطي: وما ذلك الأمر الذي كان يهدد به. الرجل: “يخاطب الملازم قيس ” سيدي أتذكر في المرة الماضية قلت لك أن المقتول كان يحمل سرا في نفسه لم يطلع أحدا عليه. هنا التفت إليه الملازم وقال: نعم، أذكر ذلك وهو مسجل معنا في ملف القضية. طيب ما هذا الخلاف الذي كان بين المقتول وذلك الشخص؟
تحرك الملازم “قيس” واقترب من الرجل أكثر وقال له: تفضل نحن نسمعك. هنا تراجع الرجل للخلف ثم أخرج ورقة من جيبه وفتحها أمام الملازم وقال: “ينظر إلى الورقة وهو يسلمها للملازم” هنا ستجد أسماء جميع من كان حاضرا الجلسة في تلك الليلة وقد أشرت إلى الشخص الذي كان يهدده المقتول. يتناول الملازم الورقة وينظر في الأسماء ثم يدفعها إلى الشرطي ويطلب منه الاحتفاظ بها ضمن أوراق القضية. يقف الملازم “قيس” ويدور حول الرجل ويضع يده على كتفه ويضغط عليه قليلا ويخاطبه: حتى الآن لم تقل لنا السر الذي كان يحتفظ به الرجل والذي كان يهدد به صاحبه. يرفع رأسه وينظر خلفه حتى يرى الملازم ويقول: حادثة دهس الملازم: وضح أكثر. الرجل: كان الرجل المقتول يعرف سر أحد رفاقه، ذلك السر كان يمسكه ويهدد به صاحبه، في فترة سابقة دهس ذلك الرجل فتاة صغيرة وهرب من موقع الحادث وبعدها سمع أنها توفيت، والشرطة لم تصل إليه، ولكن المقتول كان يحاول أن يدفعه للاعتراف وتسليم نفسه أكثر من مرة وهو يرفض بعدها تحول الطلب إلى تهديد. الملازم قيس: هل تقصد أن هذا الرجل هو من قام بوضع الرجل في السيارة وقتله. الرجل: كل شيء جائز سيدي. يشير الملازم “قيس” للشرطي إكمال عملية التحقيق. الشرطي: المعلومات التي قدمتها لنا اليوم سوف تخدمنا بإذن الله تعالى في حل القضية، يمكنك الآن الذهاب وإذا جد جديد في الموضوع سوف نتواصل معك. الرجل: طيب أنا حاضر في خدمتكم في أي وقت. يهم الرجل بالخروج من الغرفة ويظل الملازم قيس مع الشرطي ويطلب منه الورقة وينظر فيها وقبل أن يخرج الرجل يناديه الملازم: لا أرى اسمك ضمن الأسماء! ينظر إليه الرجل مرتبكا: طبعا أنا لست معهم سيدي. الملازم قيس: طيب، سوف نقوم باستدعاء الجميع والتحقيق معهم، يمكنك الذهاب. خيوط القضية باتت قريبة من الحل وبإذن الله تعالى سوف نحل قضيتين بدل قضية واحدة تلك الكلمات التي قالها الملازم قيس قبل أن يخرج من الغرفة. الشرطي: سيدي تقصد قضية مقتل الفتاة الصغيرة المسجلة معنا منذ فترة وهذه القضية؟ الملازم قيس: مبتسما بإذن الله تعالى، ولكن لا نستعجل الأمور.
يخرج الملازم “قيس” ويتجه إلى الغرفة الثانية التي بها “غسان” وزوجته ويدخل عليهما ويجلس على الكرسي. ينظر “غسان” إلى وجهه ويجده مختلفا عما كان عليه فهناك شيء من الفرحة والسرور مرتسمان عليه هذا بدوره جعل “غسان” يحس بالراحة والاطمئنان حتى يكمل حديثه، ولكن الملازم لم يطلب منه الحديث حتى الآن وإنما اشتغل في الأوراق التي أمامه، نظرات بين “غسان” و”عبير” يقطعها صوت الملازم “قيس” عندما قال: “غسان” الموضوع الذي كنت ترغب في أخباري به ما هو؟ هنا يتحرك “غسان” قليلا وينظر إلى الملازم “قيس” ويقول: أنت سألت عن علاقتي “بسعود” وسر تردده علي في البيت وكذلك تواصله مع زوجتي خلال الفترة السابقة. هذا صحيح يرد عليه الملازم وأنا اسمعك. يبدأ غسان في سرد قصته مع سعود والأسباب التي جعلته ينكر معرفته به من البداية وكذلك المشاكل التي مر بها خلال الفترة الماضية وجعلته يتغير في تصرفاته مع زوجته وأهل القرية والملازم “قيس” مصغ له و”عبير” تنظر إليه بعينين جاحظتين وتقول له: كل هذه الأحداث تصير وأنا لا أعرف عنها شيئا، كان من واجبي أقف معك وأساعدك. ينظر إليها “غسان” معتذرا لم أكن أرغب في إدخالك في أمور مثل هذه، ولكن للأسف لم أستطع الفصل بين مشاكل العمل وعلاقتي معك فأرجو منك الصفح والمسامحة.
يقف الملازم “قيس” ويقترب من “غسان” ويضع يده عليه ويقول له: تحدث مثل هذه الأمور تحدث والإنسان ليس معصوما من الخطأ ولكن عليه أن يشارك من يعيش معه في مثل هذه المشاكل حتى لا تتطور وتكون النتائج سلبية وخاصة على الأسرة. تنظر “عبير” إلى زوجها وتخاطبه: كلام الملازم “قيس” صحيح لو كنت أعرف لما حدث كل هذه الأمور وربما خرجنا معا بحل. الملازم “قيس”: الآن يمكنكما الذهاب ومناقشة الموضوع في البيت ونعتذر لكما على إحضاركما إلى المركز. ينهض كل من “غسان” وزوجتها ويخرجان من الغرفة ويمسك “غسان” بيد زوجته، تنظر إليه مبتسمة فرحة بعودة زوجها لها وعودتها إليه.

للقصة بقية

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights