حماس تفرض معادلة جديدة: نتنياهو يخضع لوقف إطلاق النار بعد أكثر من عام من الحرب
عمر الفهدي
في تحول استراتيجي لافت، استطاعت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس أن تُرغم الاحتلال الإسرائيلي على قبول وقف إطلاق النار بعد حرب استمرت لمدة عام وثلاثة أشهر. هذا الإنجاز يُعَدُّ علامة فارقة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث برهنت المقاومة على قوتها وثباتها أمام آلة الحرب الإسرائيلية؛ مما أجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الخضوع لشروط الواقع الجديد.
المقاومة تُعيد تعريف الردع:
منذ بداية العدوان الأخير، أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها ليست مجرد قوة عسكرية عابرة؛ بل منظومة استراتيجية تمتلك رؤية شاملة للصراع. استجابت المقاومة للهجمات الإسرائيلية عبر تصعيد نوعي ومدروس، وتمكنت من تطوير معادلة الردع من خلال ضرب العمق الإسرائيلي بشكل غير مسبوق؛ مما أدى إلى تآكل شعور الاحتلال بالأمان.
هذه المقاومة لم تعتمد فقط على الصواريخ والمعارك الميدانية، بل استثمرت أيضًا في تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية، ورفع سقف المطالب الإنسانية والسياسية؛ مثل قضية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين باتوا ورقة ضغط تُربك حسابات الاحتلال.
إسرائيل بين مأزق سياسي وهزيمة معنوية:
على الجانب الآخر، يجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه اليوم في مواجهة مأزق داخلي غير مسبوق. الانقسامات السياسية الحادة، وانتقادات الشارع الإسرائيلي للمؤسسة العسكرية، وفشلها في تحقيق أهدافها، كلها أضعفت موقف نتنياهو وأظهرت هشاشة الكيان أمام صمود المقاومة.
لقد حاول نتنياهو تسويق الحرب على غزة كوسيلة لتحقيق الردع؛ إلا أن المقاومة قلبت الطاولة وأثبتت أن الاحتلال لم يعد يملك زمام المبادرة، وأن استمرار التصعيد أصبح عبئًا على الداخل الإسرائيلي.
رسالة المقاومة: إرادة الشعوب أقوى من القمع.
إن نجاح المقاومة في فرض وقف إطلاق النار بشروطها يُرسل رسالة واضحة إلى العالم؛ فالشعوب التي تناضل من أجل حريتها وكرامتها لا يمكن هزيمتها مهما بلغت آلة القمع.
هذه الرسالة لا تقتصر فقط على الشعب الفلسطيني، بل تمتد لتكون مصدر إلهام لكل من يسعى للحرية والعدالة في وجه الظلم.
ختامًا: معركة الإرادة مستمرة:
إن وقف إطلاق النار الذي جاء بعد أكثر من عام من العدوان يؤكد أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رد فعل على الاحتلال؛ بل مشروع تحرري شامل يُعيد صياغة معادلات الصراع. ومع أن هذه الجولة انتهت؛ إلا أن معركة الإرادة والصمود مستمرة، وستظل القضية الفلسطينية حاضرة على أجندة العالم، بفضل شعبٍ لا يعرف المستحيل ومقاومةٍ حولت المحن إلى نصرٍ حقيقي.
بقلم: عمر الفهدي