قصة قصيرة الجريمة (الجزء السابع)
خلفان بن علي بن خميس الرواحي
يقوم “غسان” ويتحرك، وعندما يفتح الباب يتفاجأ برجال الشرطة، أحدهم يسلم عليه ثم يقول له: لو سمحت أخ “غسان” مطلوب حضورك معنا بمركز الشرطة. في ربكة يرد عليه: خير أن شاء الله، لم أفعل شيئا، أو الموضوع يتعلق بالقضية السابقة؟! الشرطي: بالمركز سوف تعرف كل شيء يا “غسان”: طيب سوف ألحق بكم بسيارتي الخاصة. الشرطي: عذراً “غسان”، سوف تأتي معنا، ولو سمحت أبلغ زوجتك أن تكون معك. بصوت عال يرد عليه: وما دخل زوجتي بالموضوع؟ الشرطي: ليس لي معرفة، طلب منا أن نحضركما معا، تفضل أدخل بيتك ونحن ننتظرك واسمح لنا بأن ننتظرك من الباب للداخل.
يدخل أحد أفراد الشرطة لانتظار “غسان وعبير” واصطحابهما إلى المركز.
أخبر “غسان” “عبير” بالأمر، وأن الشرطة ترغب في ذهابهما إلى المركز. “عبير” منصدمة! فهي لم تدخل مركز شرطة من قبل. حاول “غسان” أن يدخل إلى قلبها الاطمئنان، وقال: ربما الموضوع يتعلق بالقضية السابقة وحادثة السيارة. رفعت رأسها إليه، وقالت: وقد يكون الموضوع مرتبط بالمشكلة التي أنت فيها. في ارتباك رد “غسان”: لا أظن، وهو يتمتم بكلمات لم تفهمها عبير. لبست عباءتها وخرجا معاً، وركبا سيارة الشرطة، وبدون حديث بينهما كل يرسم صورة وأسباب لهذا الاستدعاء للمركز.
هناك في مركز الشرطة، كان الملازم “قيس” قد أخبر الضابط أنه قام باستدعاء كل من “غسان” وزوجته “عبير” للتحقيق معهما حول موضوع قد يكون له علاقة بقضية السيارة، وأطلعه على كل المستجدات فيها، وقال له: كنا نظن أن القضية سهلة وسوف نتوصل لحلها في سرعة، ولكن اتضح أن القضية خلفها قضايا كثيرة ظهرت وهناك خيوط متشابكة مع بعضها. رد عليه الضابط: لا عليك، المهم أن نصل لفك تلك الخيوط وحل جميع القضايا معا وأنت أهل لذلك.
يخرج الملازم “قيس” من مكتب الضابط متجها إلى غرفة التحقيقات للجلوس مع “غسان” وزوجته.
دخل الملازم “قيس”، وألقى عليهما السلام، ثم دخل إلى مكتب آخر بابه من نفس الغرفة التي كانا يجلسان بها، حاول “غسان” اكتشاف الأمر منه، ولكن لم ينتبه له متعمدا، يمر الوقت طويلاً على “غسان” وزوجته وهما ينتظران. أخيراً يأتي إليهما أحد أفراد الشرطة: تفضلي، يشير إلى “عبير”. يقف “غسان” حتى يدخل مع زوجته.
الشرطي: عذرا، سوف تدخل بنفسها، وعندما يطلب منك الدخول سوف تدخل.
غسان: أنها زوجتي ومن حقي أدخل معها، حتى أكون بقربها إذا احتاجت لأمر ما. الشرطي: لا تخف أخي العزيز، الأمر لن يأخذ إلا دقائق. يشير إليها ويطلب منها النهوض. تقف “عبير” والخوف معها؛ فهي لم تتعود هذا الجو المليء بالغموض. تتحرك وعينها في “غسان”، وكأنها تعاتبه وتقول له في نظراتها أنت السبب في كل هذا.
يفتح الشرطي الباب لها، وتدخل وتجد الملازم “قيس” جالساً على كرسيه وبيده ورقة يقلبها، ولم يتحدث إليها مباشرة.
تتقدم إحدى عناصر الشرطة النسائية، وتناول “عبير” كوب ماء: تفضلي. تأخذ “عبير” الماء منها وتشرب، ثم تناولها إليه مرة أخرى.
الملازم “قيس” لديه بعض الأسئلة يريد أن يطرحها عليك؛ هكذا قالت لها وهي تأخذ الكوب منها. ردت “عبير” عليها: على الرحب والسعة، ولكن حتى الآن لا أعرف الغرض من حضوري إلى مركز الشرطة.
ينهض الملازم “قيس” من على الكرسي، ويذهب إلى المكان الذي تجلس به “عبير”، وينظر إليه نظرة استغراب، ويقول لها: وهو يناولها الورقة التي كانت بيده، تعرفي هذا الرقم. تأخذ “عبير” الورقة وتنظر فيها، وترد عليه: هذا رقم هاتفي السابق، وقد غيرته منذ أيام. الملازم: متأكدة أنه رقمك؟! ترد عليه “عبير”: نعم، كان رقمي. هنا الملازم “قيس” يعود إلى مكتبه، ويقول لها: هل هناك سبب جعلك تغيرين هذا الرقم لرقم آخر؟
“عبير” تتردد في الإجابة، ولكنها تتماسك، وتقول: حصلت لي منه العديد من المضايقات. ينظر إلى الشرطية التي معه ويشير لها بحركة تجعلها تقترب منها أكثر وتطرح عليها سؤالا: تقصدين معاكسات؟
“عبير”: ترد عليها، طبعا لا، فأنا بعيدة عن كل هذه الأمور وأكن الحب والتقدير لزوجي. أذن ما نوع تلك المضايقات؟ يسألها الملازم “قيس” وهو على كرسيه دون أن ينظر إليها مباشرة. “عبير”: كانت تأتيني الكثير من الاتصالات من أشخاص لا أعرفهم وفي أوقات مختلفة؛ فسبب لي ذلك الكثير من المضايقة والحرج. الملازم “قيس”: طيب هذه الاتصالات المتواصلة كانت من شخص أو أكثر؟ الظاهر لي أنه شخص واحد، ولكن من هواتف مختلفة هكذا ردت عليه.
هز الملازم “قيس” رأسه، وهو يقول: وكيف توصلتي لهذا الأمر؟
كان الصوت لا يتغير والسؤال نفسه ردت عبير عليه. وفي سرعة قال لها: ما هو السؤال المتكرر؟ ردت “عبير” بارتباك وخوف: كان السؤال دائما عن زوجي غسان، أين هو؟ ماذا يفعل؟ متى يخرج؟ متى يعود؟ مثل هذه الأسئلة. تقترب منها الشرطية: أكيد كنت تردي عليه وتخبريه كل شيء. بصوت مرتفع قليلا ومختلف النبرة عن السابقة: طبعا لا، فهذه أسرار البيت. الملازم قيس: أنت لاحظت تغيير على “غسان” الفترة الأخيرة؟
“عبير”: نعم، حتى أنه قبل قدومكم إلينا كان يريد أن يكلمني في أمر يتعلق بذلك، ولكن لم يسعفه الوقت.
هنا صمت الملازم “قيس”، ونظر إلى الشرطية وكأنه يطلب منها مرافقة “عبير” للخارج.
الملازم “قيس”: نعتذر على إزعاجك، وشكرا على حضورك وتعاونك معنا، يمكنك الانصراف.
“عبير”: طيب، ولكن رقم هاتفي السابق من أين حصلتم عليه؟ وهذه الورقة كانت مع من؟ الملازم “قيس”: هذه الموضوع لا يهمك الآن، وفي وقتها سوف تعرفين، تفضلي بالخروج. تنهض “عبير” ومعها الشرطية، وتغادران الغرفة.
“غسان” كان على أعصابه وهو ينتظر “عبير”، ولا يفهم شيئا مما يجرى داخل تلك الغرفة، وكان ينتظر اللحظة التي تخرج فيها حتى يكتشف الأمر، ولكن عندما خرجت “عبير”، الشرطية لم تسمح لها بالحديث مع زوجها، بل أخرجتها مباشرة من مكتب التحقيقات إلى مكان آخر بالمركز لكي تنتظر زوجها فيه حتى ينتهي التحقيق معه. هذا التصرف زاد من قلق “غسان” وخوفه، فالأمر فيه شيء مريب يحاول أن يقنع نفسه أنه لا علاقة لهما به والذي يحدث مجرد إجراءات عادية سوف تمضي ويعودان إلى منزلهما قريبا.
يدخل “غسان” لغرفة التحقيقات، وما أن جلس حتى دخل عليه الملازم “قيس” بسؤاله: ما علاقتك بالمدعو “سعود”؟ يرتبك “غسان”، ولم يستطيع الرد مباشرة وتلعثم، وهو يقول: من “سعود” حضرة الملازم؟ يقترب منه الملازم “قيس”، وينظر إليه بعينين جاحظتين: “سعود” الذي كان يتردد على بيتك خلال الفترة السابقة؟ هنا “غسان” يرد، ولكن بشيء من الخوف المحاط بالهدوء: الواقع أني لا أعرفه، ولكن قالت لي زوجتي مرة أنه جاء يسأل عني، ولكن لم أعر ذلك انتباه. هز الملازم “قيس” رأسه، ويأتي من خلفه: وهل تعلم أنه كان يتصل بزوجتك؟
غسان”: طبعا لا، هي ذكرت أنها وجدت مضايقات في هادفها لذا غيرته إلى رقم آخر. الملازم “قيس”: وتعرف كيف نحن عرفنا أن “سعود” كان متواصل مع زوجتك “عبير”؟
“غسان”: طبعا، وهذا الأمر لا يشغلني لأني على ثقة في زوجتي وأخلاقها.
الملازم “قيس”: عذرا “غسان” نحن لا نشكك في أخلاق زوجتك، ما أرغب أن أنقله لك أننا وجدنا ورقة سجل عليها رقم زوجتك في المكان الذي سقط به “أحمد” قبل وفاته، ونحن بدورنا بحثنا عن صاحب الرقم وتوصلنا إلى زوجتك، ومن خلال متابعة المكالمات الواردة إليها عرفنا أن صاحب الورقة هو “سعود”، لأن أغلب الأرقام كانت باسمه.
طيب الآن ما العلاقة بيني وبين “سعود”؟ هكذا كان رد “غسان” على الملازم “قيس”. يعود الملازم “قيس” إلى كرسيه ويسكت برهة، ثم يقول: هذا ما نريد معرفته منك، ما علاقتك ب”سعود” مع أنك كنت تتدعى عدم معرفتك به. يأخذ “غسان” كوب الماء الذي أمامه، ويستأذن من الملازم “قيس” أن يشرب، وبعدها بدأ في الحديث: قبل أن يصل رجال الشرطة للبيت كنت أنوي أخبار زوجتي بموضوع أشغلني هذه الفترة، ولكن الأمر بعيداً كل البعد عن القضية التي تحققون فيها، والتي كما أرى أخذت جهد كبير منكم.
الملازم “قيس”: أنت ليس لك دخل في عملنا، نحن في النهاية سوف نصل إلى القاتل أو لنقل الجاني. في لحظة ودون تفكير ضحك “غسان”: صحيح مثل ما حدث في حادثة دهس ابنتي جنان! في تلك اللحظة ثارت الدماء في الملازم “قيس”، وصرخ فيه: ماذا تقصد؟ “غسان”. هنا أحس بقوة موقفه أمام الملازم “قيس”، وقال له: الأمر هذا انتهى، ونحن الآن في موضوع علاقتي ب”سعود” وما كنت أخفيه عن زوجتي ويقلق راحتي، وسوف أطلعكم عليه، ولكن أطلب حضور زوجتي لأن الأمر يهمها أكثر منكم أنتم. يطلب الملازم “قيس” من أحد الرجال إحضار “عبير” إلى غرفة التحقيقات مرة أخرى.
القصة بقية…