سليمان بن علي الراشدي
في حياتنا اليومية نجد أن الجهود المبذولة في غير محلها غالباً ما تُهمل ولا تُقدر، سواء كان ذلك على مستوى العمل أو العلاقات أو حتى في المواقف الحياتية العادية.
هذه الظاهرة تتكرر بشكل متزايد في عصرنا الحالي، حيث تصبح الجهود الفردية والجماعية ضائعة وغير مرئية حينما لا توضع في الإطار الصحيح الذي يستحقها.
إن كل جهد يُبذل بدون توجيه أو وعي كامل بأهميته غالباً ما يذهب دون تقدير، وبالتالي يصبح ضائعاً ومهدراً، فالعمل أو العطاء مهما كان حجمه أو نوعه يحتاج إلى توجيه وإدراك للبيئة والمكان الذي سيستقبل هذا الجهد، فإذا كان الجهد في مكانه الصحيح، فإن نتائجه ستكون مثمرة، ويُقدر صاحبه، أما إذا انحرف عن هدفه أو وُضع في مكان غير ملائم، فإن النتائج تأتي مخيبة للآمال، ويشعر المرء أن ما قدمه كان بلا فائدة.
هذه الإشكالية لا تقتصر على مجال واحد؛ فهي تمتد إلى مختلف جوانب الحياة في العمل مثلاً عندما يبذل الموظف جهده بلا رؤية واضحة أو توجيه صحيح، فإنه يشعر بالإحباط لعدم تقدير جهده، وفي العلاقات الشخصية عندما يعطي الشخص الآخر دون تفاعل أو تقدير، فإن هذه العلاقة قد تضعف وتندثر، حتى في المجال العام نجد الكثير من المشاريع التنموية والمبادرات الطيبة التي تُهدر بسبب سوء التخطيط أو عدم فهم احتياجات المجتمع بشكل صحيح.
لهذا من المهم أن نطرح تساؤلاً: كيف يمكننا أن نضمن أن الجهود تُبذل في مكانها الصحيح؟ الحل يبدأ من الوعي. الوعي بما نريد تحقيقه، والوعي بالبيئة التي نعمل فيها، وأيضاً الوعي بأهمية تقدير جهود الآخرين، عندما نفهم أن كل جهد مبذول مهما كان صغيراً له قيمة في ذاته، سنبدأ بتوجيه تلك الجهود نحو أهداف أكثر وضوحاً ومتانة.
يجب أن نتذكر أن كل ما يُهدر اليوم هو فرصة ضائعة قد تؤدي إلى إحباط على المدى البعيد، وبالمقابل فإن كل جهد مُقدَّر يولّد حافزاً للعمل والمثابرة، تقدير الجهود لا يعني فقط الثناء والشكر، بل يشمل أيضًا توفير البيئة المناسبة للنجاح وتقديم الدعم اللازم لتطوير تلك الجهود.
في النهاية، كل مبذول في غير محله ليس فقط غير مقدر، بل يصبح عبئاً وضياعاً على صاحبه وعلى المجتمع ككل، ولنصل إلى مجتمع منتج علينا أن ندرك قيمة العمل ونضعه في مكانه الصحيح، حيث يُقدر وينمو ليحقق أهدافه.
