دفء الجوار
مَيَّاء الصوافيَّة
عند عتبات بيوته المرحبة، يشرع بسلام يديه للآيبين إلى ظلال قلبه، وإلى المغادرين عنه بوقع لحنه النائم في أرواحهم، إنه الجوار الذي أخذنا نستطعم سكّره بملاعق السلام، وببساطة الأشياء.
أيتها البيوت التي نجاورها، إن قلوبنا لتهنأ بجوارك الذي لفّه الندى على مدار المطر والجفاف، والظل والحرقة، وأزمنة السكون.
حين نكون على ضفاف ألفتنا نحرك قوارب الصفاء بمجاذيف الابتسامة التي ترسم على تقاسيم وجوهنا وقلوبنا الطينية سعادةً مستفيضة، إنه ما يزال في كل صباح هازج ينثر شيئاً من لطفه على طرقاتنا، وساحات بيوتنا؛ لتظل فطرته تكسو ملامحنا بالعبق الزاكي عند أذيال شمسنا المصفرة، وفي زمن انتظارها ونحن على حافة الليالي النائمة؛ فما يزال هذا الجوار يندي دروب طرقاتنا، ونستريح تحت عرائش ظلاله نستلذ معه قطوفاً طيفية الألوان، وجبراً يحتضن نفوسنا، وإن شمسه لتشحن شيئاً من دفئها الحيّ فينا، وتنبت جذورنا في روائح أرضه الطينية، وتتشرّب أقدامنا منه رائحة الحب والدفء، ونظل نستوعب حجم امتداده في صفحات أيامنا البيضاء، ومن عيونه الباردة نرتوي ماء الوفاء كطعم الألفة.
إنه الجوار الذي يلبسنا لباس الفرح الموشّى بأقمار الأنس على امتداد سماء الترف، في أزمنة مواسم وثائق الألفة، وأمام أبوابه المشرعة بكفوف الرجاء، وببسمات قلوبنا التي تسير نحوه نتبع روائحه الزكية، وإنه ليفتح لنا أبواب حبه على مصراع فيض جوده، ورحابة صدره.