موهبة تُزهر … حين تجد من يرعاها

د. إنعام بنت محمد المقيمية
مستشارة نفسية في رعاية الموهوبين
يُعد الاهتمام بالطلبة الموهوبين مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة، فبينما يُطفئ الإهمال جذوة الشغف بداخلهم، فإن الاكتشاف المبكر والرعاية الملائمة قادران على إطلاق طاقاتهم الكامنة وتسخيرها لخدمة المجتمع وتنميته.
الطالبة “أروى”، في الصف الرابع، تُمثّل نموذجًا حيًا لأهمية رعاية الموهبة. فقد كانت تقضي وقتها في الصف بين الملل والنعاس، دون تفاعل أو حماس. وعلى الرغم من محاولات المعلمات لتحفيزها، إلا أن حالتها تدهورت، وأصبحت سريعة الغضب والانفعال، مما دفع البعض لتصنيفها خطأ ضمن ذوي صعوبات التعلم.
إلا أن نقطة التحوّل كانت عندما لاحظت إحدى المعلمات شغف أروى بالقراءة واستكشاف المعرفة أثناء فترات الاستراحة. فتم ترشيحها لاختبار كشف الموهوبين، وكانت النتيجة مفاجئة؛ إذ أظهرت امتلاكها لقدرات معرفية وعلمية عالية. وقد تبيّن أن مشكلتها لم تكن في الفهم أو الاستيعاب، بل في عدم تحفيزها بالمناهج التقليدية التي لم تشبع فضولها العلمي.
هذه الحالة تُسلّط الضوء على أن الموهوبين قد يبدون في مظهر غير متوقع؛ فقد يشعرون بالإحباط والضجر إذا لم يُوفّر لهم محتوى تعليمي يناسب قدراتهم واهتماماتهم، خاصة من الناحية النفسية. وقد يقود هذا إلى تحديات دراسية وسلوكية معقدة إذا لم تُعالج بشكل مبكر ومهني.
وفي ظل فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب، يبرز كتاب “تحسين مفهوم الذات والتوافق النفسي والاجتماعي” ليؤكد على أهمية الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين، ويقدم محتوى متكاملاً للمربين من أولياء أمور ومعلمين، يساعدهم على فهم خصائص هذه الفئة الفريدة والتعامل مع احتياجاتهم بصورة فاعلة.
يمتاز الكتاب بتقديم برنامج إرشادي عملي شامل، يتضمن خطط جلسات تفصيلية، أهداف واضحة، أنشطة تطبيقية، وأمثلة من الواقع تُظهر استجابات فعلية للطلبة الموهوبين الذين استفادوا من البرنامج. وهو مرجع مهم لكل أخصائي نفسي يسعى إلى دعم النمو النفسي والاجتماعي المتوازن للطلبة الموهوبين.
رعاية الموهوبين ليست ترفًا تربويًا، بل استثمار استراتيجي في عقول مبدعة تبني مستقبلًا أكثر إشراقًا. ويُسعدنا أن نعلن عن توفر كتاب “تحسين مفهوم الذات والتوافق النفسي والاجتماعي” ضمن إصدارات معرض مسقط الدولي للكتاب، ليكون مرشدًا عمليًا لكل من يحرص على بناء جيل متوازن ومبدع.