الأحد: 25 مايو 2025م - العدد رقم 2561
Adsense
الخواطر

أنا ظلّك…

عصماء بنت محمد الكحالية

إلى والدي الحبيب، إلى الرجل الذي علّمني أن الظهر لا يُكسر ما دام فيه أب…

أكتب لك يا أبي وأنا أحمل لك مشاعر لا تشبه أي شعور، مشاعر تغمرني كلما تذكّرت مواقفك،
كلما وصلت لشيء جميل، وتيقّنت أن خلفه كان قلبك، ويدك، ونظرتك، وبصمتك التي لا تُخطئ.

أبي،
ما عمري احتجت لشيء إلا وكنت سبّاقًا له،
ما عمري طلبتُ، إلا ووجدتُ بين يديّ ما يفوق طلبي،
كنتَ دائمًا حاضرًا، حتى في صمتك، حتى في غياب سؤالك،
كنت تُراقب عن بُعد، وتدعم دون إعلان،
وكأنك تقول لي: “أنا هنا، حتى وإن لم تريني.”
وقد كنت، وستبقى، دائمًا “هنا”… في كل شيء.

أريدك أن تعرف يا أبي، أنني أراك بكل وضوح.
أرى كل تعبك، كل صبرك، كل لحظة أخفيت فيها ألمك لأجلنا،
أدرك كم مرّت بك أيام صعبة، وتحديات قاسية،
لكنّك لم تشتكِ، لم تُظهر وهنك؛ بل كنت جبلًا نستند إليه.
واليوم، وقد كبرتُ، أقولها لك صراحةً:
ما عاد يريحني أن أراك تُخفي ضعفك، أو تعبك،
فأنا هنا… أنا بجانبك، كما كنت دومًا بجانبي.

يا أبي،
أنا فخورة أنك أبي، وفخورة أنك وضعت في قلبي تلك الثقة العظيمة،
لن أنساها أبدًا… يوم قلت لي: “لو كنتِ بين تسعة رجال، فأنتِ العاشر.”
تلك الجملة، لم تكن مجرّد عبارة،
كانت شارة فخر، ودعامة لقوتي، ودليل أنك تراني بعيون لا يشبهها أحد.
ومن يومها، وأنا أُحاول أن أكون بحجم ثقتك،
وأعِدك، وسأظل أُعاهد نفسي… أن أبقى دومًا في محلّ هذه الثقة.

لقد منحتني يا أبي شيئًا لا يُشترى،
منحتني إحساسًا عميقًا أنني لست وحدي، أن هناك من يؤمن بي حتى في لحظات شكي بنفسي،
منحتني تلك القوة الهادئة، والسكينة العظيمة،
وكل ذلك… يكبر في قلبي، كلما كبرتُ، كلما رأيت الدنيا.

ولأجل هذا كله،
أنا لا أريد أن أراك ضعيفًا يومًا،
لا أريد أن أرى عليك ملامح الحزن، أو التعب،
فأنا لك، كما كنتَ لي،
وسأظل أحتضنك بدعائي، وولائي، وقلبي كله،
وسأكون ما حييت؛ امتدادًا جميلًا لك،
فخورًا بي، كما أنا فخورة بك.

وسعيدة أنا…
نعم، سعيدة جدًا أنك ستقرأ كلماتي،
أنك ستلمس شيئًا من روحي هنا،
أنك ستعرف كم أحبك، وكم أعتز بك،
وكم أنا مدينة لكل لحظة كنتَ فيها لأجلي.

ابنتك التي تراك بطلًا، وتحبك بكل ما فيها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights