ورحلت مريم ..

آمنة البلوشية
رحلت وصعدت روحها الطاهرة الطيبة.. إلى من هو أحن وأكرم وأرحم منا محبة وأمانا…
رحلت تلك الزهرة الجميلة التي عطّرت رائحتها المكان والطرقات؛ فأسدل الحزن ستاره علينا ظلاماً. قد هزت مدامعنا “مريم”..
وصاحت بأعلى صوت.. ها هي “مريم” قد رحلت…
رحلت (الشهيدة)، لتطبع بصمة في سماء الكون، فقد كان لها صدى يأن بأنين يمزق الأشلاء …
فرحيلها وجع قد لامس حروف حبر كلماتي؛ فتبعثرت وتعثرت، وصاحت بأعلى صوت؛ خذوني إليها فقد جف القلم يا “مريم”… فضاعت حروفي لرحيلك أيتها الحبية المؤنسة…
فأنتِ أسطورة قد سطرها التاريخ يوماً ولن يكررها الزمن يا “مريم”…
فقد كانت (أمًّا، وأختًا، وبنتًا، وجارة صالحة، وصديقة).
وكانت (الداعية)، فلله دَرُّكِ أيتها الراحلة…
من لا يهوى (مريم)؟
فقد كانت بلسماً للعليل، وشهداً للمرير، وأملاً للساعي، وقنديلاً مضيئاً في عالمٍ مظلمٍ غامض.
ابتسامتها لا تفارق محياها، نِعْمَ بها وبأخلاقها من دُرّة.
ما أشد ألم الفقد…
فبرحيلها انكسرت القلوب، وانهارت القوى، وتبلّد الإحساس بعد أن جاء خبر رحيلها…
(رحلت “مريم”)… الطاهرة.
فصبراً أيتها القلوب المحبة،
صبراً أيتها المُقل الحزينة العاشقة،
صبراً أيتها الدموع المنهمرة…
فما نقول إلا ما يُرضي ربنا: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
فعندما حانت لحظات الرحيل، تأهبت السماء، وعمّ الصمت أرجاء الكون،
واستعدّت جموعٌ غفيرة من الملائكة لتزفّها،
مع مجموعة هائلة من الأحباب والأقارب،
شُبّاناً، وغِلماناً، وشيوخاً، يركضون خلفها،
تسبقهم الخطى، وهي تقول بصوتٍ يسمعه القاصي والداني:
“قدِّموني… قدِّموني…”
لتلحق بالرّكب مع النبيين والصدّيقين، والصالحين، والشهداء،
الذين “لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون”،
فرحين بما آتاهم الله من فضله…
تقول: “قدِّموني” وهي على يقين أن من يخوض معارك الحياة، ويصبر ويحتسب،
فإن له بشارة الصبر، (وبشّر الصابرين)…
وهي موقنة تماماً ومؤمنة أن البشارة لن تكون عادية،
بل سيُهديها إيّاها إلهٌ عادلٌ رحيمٌ عظيم،
يُكرم ضيوفه، ويكيل لهم الأجور بالمكاييل،
أجورٌ عظيمة لا تُعدّ ولا تُحصى ولا تُقاس…
إنها بشارة الصبر على البلاء،
فما أعظمها، وما أروعها من بشارة… “وما كان ربك نسيًّا”.
بشّركِ الله بالقبول، والصلاة خلف الرسول،
وجعلكِ من سكان الفردوس الأعلى.
وداعاً يا نبضاً لا يُنسى… “مريم”.