عجبي من ثعلب يعدو وضح النهار…!
ناصر بن خميس الربيعي
كنا صغاراً عندما كانت الثعالبُ تخرجُ من أوكارها في جُنحِ الظلام، ناشرةً بيننا معاشر الأطفال الرعب والخوف من صوتها الغريب الذي يحدث جلبةً في أرجاء القرية، القرية التي احتضنتنا نحن والثعالب؛ فعشنا بسلام ووئام.
في مشهد متكرر كل ليلة كانت النساء في القرية تهرع بعد سماع صوت الثعلب إلى حظائر الطيور لتحكم إغلاقها؛ هذا ما كان يحدث في زمنٍ ساده الصدق والمحبة والقناعة والخوف على مصالح بعضنا بعضاً، فتعايشنا معها رغم ضراوتها، فقد كانت تبحث عما يسدُّ رمقها.
كان الثعلب في ذلك الزمن محترماً لا يخرج إلا بعد أن يسدل الليل ستاره فيصدر أصواتاً حتى يعلم الناس بغارته فيأخذون حذرهم، لكن ماذا عن ثعالبنا؟ أيعقل أنها استضعفتنا نحن البشر؟
صارت تمشي متبخترةً وضح النهار، لا تصدر صوتاً ولا تخشى لمساً، تأكل كل ما نملك، صرنا نهمس لبعضنا بعضاً خوفاً على مشاعرها ومشاعر أقاربها، هذا ثعلب سطا على حظيرة فلان وفلان وفلان، لم تُبقِ في القرية رزقاً فقد استنزفت كل ما نملك، أَنَّى لنا أن نتخلص من ثعالبنا؟ فقد بلغ السيل الزُّبى وحَمِي الوطيس.