2024
Adsense
مقالات صحفية

السيِّد (مجتمع)

خولة بنت محمد السعدية

سيدي المجتمع
السلام عليك
وأما قبل
لا تُهمل كلمتي الأولى
فإنني وبرغم ما لاقيتهُ منك
إلا أني أبدأ رسالتي هذه بالسلام عليك
لتنعم به
فربما يشلمنا السلام والسكينة ونحن بين جنبات أضطراباتك وحروبك!

وأما بعد:
أقول لك عبثا أنه ربما كُتِبَ لتلك الرضيعة التي سلبتها أسمها المحبب قهرا
أن تدخل معك عراكا فكريا حتى من قبل أن تعي ما هي!

سيدي المجتمع
تلك الطفلة نفسها بعد أن رضعت التمايز الاجتماعي وتعبت من المقارنات وضاقت ببعض المعتقدات، تذكِّرك فقط أنها قد نالها من تُهَمْ أبناؤك ما تنهدُّ لذكره الراسخات ،وتقول لك ليست حكمةً أن تعامل نقاء تلك الطفلة، وكأنه عدُّوُكَ اللدود الأول!
بسبب أنها أختارت نفسها،
أختارت حلمها
أختارت طموحها وموهبتها
وآخر جرمها أنها أختارت الحب عنك
وأختارت المبادئ المتأصلة بعقيدتها عن معتقداتك الضالة ربما!
نعم هي آثرت الحب عن بغضك
وهي تعلم يقينا أنك لم تعتاد على هذا القول من فتياتك
لكنها بحزم تقول :ربما لم يُكتب أن تكون مجرد فاهٍ يسل الأرغفة
ويتسول الود والرضا من أفرادك
ربما كُتب لها أن تكون هي!
رغم علمها أن هذا لا يجعلك تشعر بالراحة!
وربما يشقُّ عليك أن تدعها بسلامٍ تحقق كينونتها وذاتها
وربما تبخل عليها أن تنعم بدفء عائلةٍ هي اختارت ربُّها
وربما أردتَ لها -بشدة- المزيد من متاعبك والكثير من المعارك النفسية التي يجبرها تزمتك أن تدخلها
لتكتبَ لها بعد ذلك في أوراقها الرسمية أنها عاجزة ذهنيا ،وتعاني من الذهان ،وثنائي القطب ربما
،وفي أرقى حالاتك تكتب أنها ذات شخصية حدِّية !
لتعيش المسكينة ثلاثة عشر سنة وهي ترزح ظلما وقهرا تحت مسمياتك وأحكامك المستبدة!

وتجعلها تتوقع -كثيرا- أن تُعامل -جورا وبهتانا- معاملة المجانين!

وتلزمها ماذا تدرس ،ومن تتزوج ،وكيف يكون نمط حياتها!
ولولا يقينها بربها وإيمانها أنها سويِّة
لما وجدتها تحيا الآن لتواجه – وهي عزلاء- رحى صراعاتها معك وحدها!

سيدي المجتمع هذه الفتاة نفسها ذات العينين البنيين البريئين الذيَّن أشهرتَ في نظرهمها سيوف الرفض لألوانها ورسمها،وجعلتَ من موهبتها ساحة حرب رغم أن كل ماحولهما ينطق بالسلام!

صغيرتك بعدما سئمت من اختياراتك الغير حكيمة لها، فبصرامة تقف الآن وتكتب بخط واثق بمن خلق لها هاتين اليدان اللتين تسطران لك حروفها المختنقة بداخلها طويلا؛ لتقول لك أخيرا: (أنا).

سيدي المجتمع
لا أعتقد أنه سينالك عظيم الضرر إذا اختارت هي قلبا تنبض بطمأنينة بقربه،
ما الضرر العظيم الذي سيقع على صغارك إذا تخيَّرَتْ هي قلبًا يهتم بتفاصيلها المهملة؟
ما الضرر العميم الذي سيلحق بك إذا تخيرت الحب النقي عن أحكامك؟
ورضاها عن سخطك وتسلطك الذي أحال أمرها من شأن عائلي إلى قضية رأي عام يصل إلى مؤسسة ليست بالمكان اللطيف بتاتا!

ماذا ستخسر – سيدي المجتمع – إذا سمحت لها -هذه المرة فقط- أن تختار!
ليست حكمةً أن تُعامل طفلتك المدللة بهذا البأس الشديد و”الفساد العريض”!
طفلتك ما زالت تأمل منك خيرا
ودليلها أنها تسعى لتنقية أطفالك ونشأكَ الآتي حتى لا تراه معبأً بالمزيدِ من أمراضك الفكرية والسلوكية!

سيدي وإني إن أتيتُ هنا إلى ذكر هذا النوع من الأمراض العتية المستعصية
التي يعاني منها مَنْ ينتمون لجذورك الجاهلية
فهنا لا يسعني إلا أن أقول: “إن كانت هذه العادات الجائرة والتقاليد التي لم يُنزل الله بها من سلطان،
وهذا الاختلال العقائدي والفكري والنفسي الذي يرتع بينه اتباعك إن كان هذا كله سحر ساحر كما كان أبناؤك يحكمون على السواد الأعظم من الأحداث والأقدار
فطفلتك بقلبها الطاهر تدعوا الله بعزته وجبروته أن يبطله!”.

لترى مجتمعا كما أحبته من كُتُب السيِّر الحسنة
لترى نقاؤك الذي خَفَتَ طويلا لأسبابٍ علم اليقين تعلمها!
فهي ما زالت ترى أنه من الممكن جدا أن ترى الفهم وحسن التدبير يسطع من بين قطعانك .

وأسألك أخيرًا أن تُعيدَ لي اسمي
أريد تلك الطفلة باسمها وتفاصيلها التي لم تمسُّها أقذاؤك بعد.

والسلام عليك سيدي المجتمع مرةً أخرى.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights