انتبه لنفسك
شريفة بنت راشد القطيطية
تبدأ حياتك محاولاً فهم كل شيء، وتنهيها محاولاً النجاة من كل ما فهمت، وتدرك تماماً أنكَ تورّطتَ بكل شيء. المَدارك لا توحي بالعودة، والشغف مخنوق، والافتراضات عذراء، لا جدوى منها.
إن لم تكن أنت، لا تنتظر أن أكون أنا، من يخلص للآخر لا ينتظر ردّ الجميل، والسطر الأول فارغ، والإملاء صِفر، والنتيجة: انتبه لنفسك.
أن تصنع فرقاً بينكَ وبين الآخر، هي صناعة الغرور، يوجد بينما اتصالٌ بالروح، وتذبل كلّ الفروق حين تهدأ وتفكر، ما نزال نتواصل بالفكر السامي، وحواري الظلام لا نتوق إليها، نتعبّد لنرضي الله تعالى قبل أي شيء آخر، لا تأمر نفسك بالخطايا وتأتي لطلب الغفران، لا تجرّ حبلاً قد رُبط به عنقي، وتخنقني ذات يوم.
عندما تسقط أوراقكَ، التقطها وأنا بكامل صحوي، أنا متأكدة أنك أسقطتها لأنك تراني ثقلاً على أيامك، وأدرك كم تتهرب من وقتي، وتعبّئ مشاعركَ في زجاجة كي لا تشعرني بها. قررتُ أن ألتقطكَ وأرتّب أوراقكَ وأتصفّحها، وأمسح عنكَ قلق الواقع الذي أجبرْتني للعيش فيه، بعد حُبكَ الذي أسقطني منه، ولم تعُد تهتمّ لأمري.
سأترك بين أوراقنا قلماً، لربما احتجتَ أن تكتب لي شيئاً يوماً ما، وربما ستشتاق لي، وتكتب بين النجوم: أين أنتِ؟ وستسأل عني الاشتياق، وستعود للأوراق، وتكتب: أحبكِ كثيراً.
لا أحد يمر في حياتك عبثاً، لا بد أنه جاء برسالةٍ، أو عبرة، أو عِظة، أو دمعة تطهّر وجعك، أو ألمٍ يوقظ متاهتك، ليأخذ بيدك ويتركك على طريق مُورق لتزهر من جديد، ولكنه يترك أثراً في القلب، لن تغيّره السنين.
الوحدة أن تختنق دون قُرب من أحد، وأن لا تجد من يعطيكَ قطرة ماء، أن تموت ببطءٍ، وتُعدّل مزاج العزلة، وتسلّم على أبنائها العشرة، وتحكي لهم قصصاً مملّة قبل النوم.
أحبكَ حين تأتي بكَ السماء في لحظة استغفار، ويجود عمقكَ بآيات عشقي، لأضمّ الليل بين يديك، وأعُدّ أنفاسي في أحضانك، حمقاء كما عهدتها دوماً.