خلفان بن ناصر الرواحي
من المعلوم أن زنجبار كانت سابقًا تخضع تحت الحكم الإسلامي العُماني حيث “أطاحت ثورة زنجبار سنة 1964 بسلطانها جمشيد بن عبد الله وحكومته المكونة بشكل أساسي من العرب عن طريق الثوار الأفارقة المحليين. والسلطنة الواقعة شرق تنجانيقا المكونة أساسًا من عدة جزر هي نموذجًا للتنوع العرقي، وقد منحتها بريطانيا الاستقلال سنة 1963م، ولكن أسفرت سلسلة من نتائج الانتخابات النيابية بإبقاء العرب على سيطرتهم على الحكم كنتيجة الموروث باعتبارها مقاطعة سابقة لسلطنة عمان. فأصاب الإحباط تحالف حزب أفرو شيرازي (ASP) مع حزب الأمة اليساري بسبب التمثيل البرلماني الناقص على الرغم من الفوز بنسبة 54% من الأصوات في انتخابات يوليو 1963، مما حرك جون أوكيلو عضو حزب أفروشيرازي حوالي 600–800 من الثوار صبيحة يوم 12 يناير 1964 في الجزيرة الكبرى أنغوجا، فاحتل مراكز الشرطة واستولى على أسلحتهم، ثم تقدم نحو العاصمة ستون تاون حيث أطاحوا بالسلطان وبحكومته. ثم بدأوا بالاقتصاص من المدنيين العرب والآسيويين في الجزيرة: وقد قدر عدد القتلى المدنيين نتيجة تلك الثورة من عدة مئات إلى 20,000 شخص. فجيء بعبيد كرومي زعيم حزب أفروشيرازي فنصب رئيسًا وقائدًا للدولة الجديد، ومنح حزب الأمة مواقع في السلطة”-[ويكيبيديا].
فمنذ ذلك التاريخ وما زال الوجود العربي والإسلامي حتى يومنا هذا، ومما أثلج صدورنا هو الصحوة الإسلامية التي تزداد يومًا بعد يوم في هذه الجزيرة، فمن خلال ملاحظاتي من الزيارات الثلاث؛ فإن هناك تقدمًا وديمومة مستمرة في الصحوة الإسلامية، حيث زيادة عدد المساجد، ومدارس القرآن الكريم، وإقامة مراكز الدعوة والإرشاد، والمحاضرات والندوات الدينية في المساجد خاصة، وهناك محافظة على إقامة الصلوات الخمس في المساجد جماعة من الأغلبية، كما أن أغلب المساجد وحتى الصغيرة منها قد خصص للمرأة ملحقًا خاصًا بها للصلاة، وهناك إقبال على أداء صلاة الجمعة منهن أيضًا.
بالإضافة لذلك، فإن اللباس الإسلامي المحتشم عند المرأة في ازدياد ولله الحمد، وهذا أيضًا يعتد مؤشرًا إيجابيًا لديمومة الدين الإسلامي حيث إنّ المرأة هي الركن الأساس الذي يعتمد عليه في تربية النشء، فهي المدرسة الأولى التي يترعرع عليها الأبناء، وهي القدوة الحسنة التي تضحي فيها من أجل الأسرة، مشاركة للرجل الذي يكونَ جلّ وقته للكسب وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
تلعب الأدوار التنظيمية للجمعيات الخيرية الإسلامية دورًا بارزًا في هذا المجال، مضافًا إليها المبادرات الفردية من العديد من أبناء الأمة الإسلامية كافة، ولا يقتصر ذلك الجهد فقط على بعض الدول العربية الإسلامية.
فالبرغم من وجود حملات التنصير التي يسعى لها بعضهم، وخاصة من الدول الأوروبية فإنّ ديمومة الدين الإسلامي الحق وصحوته صامدة ومستمرة، حيث تشير بعض المصادر أن نسبة عدد المسلمين في هذه الجزيرة يبلغ حوالي ٩٩ ٪، وهذا يدل على حرص من بقي من المسلمين هناك على التماسك والصبر على تحمل التيارات المعادية لمحو الوجود العربي الإسلامي.
فمن وجوه المقارنة التي أود ختامها في هذا المقال، هو أن ديمومة البقاء لديننا الإسلامي الحنيف، وتقدم الصحوة المباركة يزداد في دول ليست بعربية ولا إسلامية، في حين أن هناك من يسعى إلى هدم ركائز الدين الإسلامي وهو يعيش في مجتمع إسلامي محافظ، ويتراجع عن المبادئ والقيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية التي تربى عليها في وطنه؛ فمتى يعقل أمثال هؤلاء ويعتبرون، ويرجعون إلى رشدهم؟!