الحقوق الزوجية في الإسلام (٩)
د. عبدالحكيم أبوريدة
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد،
لقد تناولنا في المقال السابق حقاً من الحقوق التي أوجبها الإسلام للزوج، وهو الطاعة في غير معصية الله، وفي هذه السطور القليلة سنتناول حقاً آخر من حقوق الزوج وهو:
(ألا تُدخل أحداً في بيته إلا بإذنه)، وهذا الحق من أعظم الحقوق للزوج على زوجته، وقد أكّده النبي صلى الله عليه وسلم، في خطبته الشهيرة في حجة الوداع، والتي قالها النبي صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى- عز وجل- ببضعة أشهر، فقد جاء في هذه الخطبة:
(أيها الناس، إن لكم على نسائكم حقا، فحقكم عليهن ألا يوطئن فُرشكم من تكرهونه، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهونه).
وذلك لأن الزوجة التي تأذن للرجال بالدخول إلى بيت زوجها دون إذنه، تكون خائنة للحياة الزوجية، وغير أمينة عليها.
والزوجة الفاضلة الشريفة هي التي تحافظ علي كرامة بيت زوجها، فلا تسمح بدخوله إلا لمن يأذن لهم الزوج بالدخول في غيبته كالمحارم وغيرهم ممن يكون بينها وبين زوجها اتفاق على دخولهم.
وفي الحديث الشريف إشارة حكيمة، إلى أن الذين يأذن الزوج لهم بالدخول بيته في غيبته، على الزوجة أن تجعلهم في مكان سوى الذي هو مكان نومها مع زوجها.
كذلك من حق الزوج على زوجته أن تحافظ على أمواله وعلى حقوقه، فلا تأخذ منها شيئًا إلا بإذنه، ولا تتصرف في شيء منها إلا بإذنه.
إلا أن شريعة الإسلام أباحت للزوجة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها هي وأولادها في حدود الضرورة والاعتدال، إذا كان زوجها لا يعطيها ما هو من حقوقها.
فقد جاء في الحديث الصحيح أن امرأة أبي سفيان قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ولا يعطينا ما يكفينا، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف).
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.