«عزيزي، أنا مريض نفسيّ»
طه جمعة الشرنوبي – مصر
لماذا يخجل البعض في العالم الشرقيّ من الاعتراف بمرضه النفسيّ وتعرّضه لألم نفسيّ؟
لماذا يتعامل العربيّ مع المرض النفسيّ على أنه وصمة عار يجب أن نخجل منها؟
لماذا تفشل المؤسسات دائمًا في تبنّي عملية الوعي في المجتمع على أن المرض النفسي مثله مثل أيّ مرض سواء عضويّ أو جسديّ؟
تساؤلات يطرحها المتعافون بعد تخطيهم مرحلة العلاج، وربما هم أكثر الناس حرصًا على التوعية بخطورة الخجل من الاعتراف بالمرض النفسيّ وعدم اللجوء للأطباء النفسيين.
مع تردّي المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في بلداننا يأتي توالياً مشكلة ثقافية تكمن في عدم تقبّل المرض النفسيّ من الأساس، وعدم تقبّل المريض النفسي على أنه مصدر خطورة، يُشكّل خطورة على نفسه وعلى الآخرين وكل ما يحيط به.
بالإضافة إلى «المتديّنون» وهذه مشكلة لا تقلّ خطورة عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذين يتعاملون مع المريض النفسيّ من منظور دينيّ بحت، يتمثل في الابتعاد عن الله بقولهم « أنت كده علشان بعيد عن ربنا، قوم صلِّ ركعتين وهتبقى كويس»
وهُنا مثال لـ مُصاب بالسرطان مثلاً، لا يحبّ مطلقًا أن نتعامل معه بمبدأ قُوم صلِّ ركعتين؛ هو مريض وله علاج محدد ومخصص.
لكننا هنا بصدد السؤال:
لماذا المرض النفسي وصمة عار يجب أن نخجل منها؟
رغم تطور المؤسسات التعليمية والتكنولوجيا إلا أن هناك تردٍّ وقصور في تعزيز المعرفة بالمرض النفسي والاهتمام بالصحة النفسية، بالإضافة إلى انعدام برامج التوعية المناسبة لثقافة المجتمع، والتي تكون بمثابة تحدٍّ يصطدم بالثقافة العامة للمجتمع ويصطدم كذلك بضعف القطاعات الطبية.
الثقافة المجتمعية تُصيب بالإحباط وتدعو للخجل من الاعتراف بالمعاناة النفسية.
ومن ثَمّ يتعامل معها الكثيرون على أنها عقوبة إلهية نتيجة الابتعاد عن الله.
« ده مُختلّ عقلياً» « ده مريض نفسي» « ده دماغه تعبانه» وهكذا مما يجعل مجرد التعبير عن المعاناة النفسية شبه مستحيل.
لا بدّ وأن نتعامل مع المريض النفسي أولاً بالاحتواء، وتقبّله والتعامل معه على أنه مريض مثل أيّ مرض جسدي؛ أتذكر دائمًا مقولة « لا صحة جسدية دون صحة عقلية».
ومرارًا نقول المرض النفسي مثله مثل أي مرض له علاج، ولا يجب أن نجد أحد يُعاني نفسياً من أيّ اضطراب ونقول له «قوم صلِّ ركعتين وهتبقى كويس»
علينا فقط تبنّي التوعية بنشر ثقافة عامة تُتيح للجميع فهم وضرورة الاهتمام بالصحة النفسية، وتقبُّل من يعانون من اضطرابات نفسية، والأخد بمعايير الصحة النفسية.