“نعم إنها عُمان”
بدرية بنت حمد السيابية
أمطار غزيرة ورياح شديدة تمر بين الأشجار والطرقات بأصوات يفزع القلب رعبًا منها، سقطت أشجار النخيل الشامخة، وتأثرت الأرض بفعل الأمطار الغزيرة، وسقطت منازل كثيرة، سبحانك ربي ما أعظمك! واهتزت قلوب من يسكن في تلك المناطق صراخًا وخوفًا، يرددون الدعاء “رحماك ربي”، وصفارات الإنذار تعلن عن قدوم خطر هالك يُدعى “شاهين”، وكأنه طائر جارح طويل الجناحين من جنس الصقور يعتبر من ملوك الطيور، هذا التعريف المتعارف عليه، ولكن هذا الإعصار القوي نسب إليه هذا الاسم.
احتار عقلي في اختيار الكلمات والتعبير، يا له من منظر تقشعر منه الأبدان، كان قلبي ينزف حزنًا وألمًا على ما حل في البلاد، فهذه قدرة المولى ولا اعتراض على حكمته، نحمده ونكرر الشكر له على كل حال، دمعت عيناي عندما وجدت أبناء شعبي الأقوياء يلبون النداء متجهين بكل عزيمة وإرادة إلى الشمال، ليثبتوا للعالم أجمع أننا نحن أبناء السلطنة متلاحمين متراصين، كأسنان المشط يتخطون أمواج البحر متوكلين على رب العباد؛ لتبحر بهم سفينة السلام على بر الأمان.
منظر حوّل الحزن إلى فرح- نعم هؤلاء هم أبناء المرحوم سيد الرجال والحكمة “قابوس”، فهو من غرس فينا حب العطاء والتكاتف، وجعل منا يداً واحدة في الصعاب، فأبناء شعبك رحمكم الله باقون على العهد ولن يخذلوك.
دمعت عيناي عندما شاهدت هذا التلاحم الوطني، شعورًا ممزوجًا بين التحدي وتخطي الصعاب، رجال ونساء ينزلون الميدان ويتفقدون الأضرار، وإدخال الفرح والسرور في قلوب الأطفال، والمساهمة في إعادة منطقتي لترد عافيتها وتدب الحياة فيها من جديد، بعد ما انقطت بنا كل سبل الخدمات من كهرباء وماء، فغرّد الجميع بما يجود به فكره، وتوصيل رسالة “التعاون والتكاتف” بين أبناء وطني الحبيب.
نعم سوف يشهد التاريخ على هذا التلاحم الوطني، وتشهد الأرض الطيبة خطوات هؤلاء الأبطال وهم يمشون بكل ثقة وعزيمة، وهم ينتشلون كل ما يعيق الطرقات، لقد كانوا جميعًا في الميدان يقومون بواجبهم، فهذا هو الشعب العماني الوفي رغم الصعاب يقفون في مقدمة تنفيذ المهام، رجالها ونساؤها هم من يقدمون العون للمتضررين من إعصار “شاهين”؛ لتعود للحياة لذتها كما كانت.
فمن هنا ومن منبر صحيفة النبأ الالكترونية أقدم كلمة شكر وتقدير، وأعلم أنها قليلة في حق كل من لبّى هذا النداء، وكل من قدّم العون والمساعدة من قواتنا المسلحة، والفرق الخيرية، والمتطوعين والمتطوعات الذين لبوا النداء وأتوا من كل ربوع عمان الغالية من اقصاها إلى أقصاها ، ولكل الجهات التي ساهمت ونظمت وذللت الصعاب في تسهيل وصول المؤن والمساعدات للناس، فشكرًا لكم من القلب.
اللهم أبعد عنا شر الأعاصير، وأنعم علينا بالأمان والسلام، واحفظ عمان قيادة وشعباً، وبارك في عمر سلطاننا هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- وفي أسرته الكريمة.