مسميات المعالم في التخطيط العمراني والمشاريع وأثره على التنمية
خلفان بن ناصر الرواحي
إنَّ المدنية الحديثة لها آثار إيجابية وسلبية، ولا يخلو السلوك البشري وتأثير العولمة على مجريات الحياة من حيث طمس المسميات للمعالم والمدن والقرى، ومسميات التجمعات السكنية في كل قرية على حدة، وما نلاحظه في حياتنا المعاصرة أن هناك تداخلات حدثت وتحدث في إطلاق المسميات لموطن السكنى وخاصة للمخططات الحديثة التي تم استحداثها لمواكبة النمو السكاني، وأصبحت تلك المسميات غير معنونة على الواقع وربما لا تتطابق مع حدود كل قرية، ناهيكم عن الترجمة الخاطئة لبعض المسميات التي تجدها في مسميات المشاريع، وعلى أثر ذلك طمست مسميات بعض القرى ودمجت مع قرى مجاورة، وبذلك لم تحظ ببعض الخدمات الأساسية التي تقوم بها الدولة في مجال التنمية؛ مثل تعبيد ورصف الشوارع الداخلية وبعض الخدمات الحيوية الأخرى، وتعود الأسباب من وجهة نظرنا إلى المرجع الذي يستند عليه من حيث الاستدلال لمسميات المعالم وحدود القرية الجغرافية، وتداخل الفواصل بينها، وبذلك أصبحت تلك المسميات تتداول وفق المسميات المشاعة، وطمست بعضاً من تلك المسميات، وربما سوف ينعدم ذكرها مستقبلاً فتصبح في طي النسيان وجزءاً من ذكريات الماضي!
إن طرحي لهذا الموضوع ليس نوعاً من التعصب والدعوة إلى التفرقة وتشتت الوحدة، ولكن علينا أن ندرك أهمية الهوية والانتماء للمكان من حيث مسقط الرأس والمكان الذي ينتمي إليه كلٌ منا، وهي قضية ربما تكون عامة وليست خاصة بمكان معيّن، ومما لا شك فيه أن الوطن واحد، إلا أن تلك المسميات لها دلالاتها وانتماءاتها وتاريخها، واستحقاقاتها من حيث حظها من المشاريع كذلك، حيث إن دمج المسميات لبعض القرى من حيث الاسم المشاع والمتداول بين أفراد المجتمع، أو الاستعانة بتقنية خرائط جوجل له تأثير سلبي على خطط المشاريع والخدمات، فَلَو افترضنا أن قرية ما يفصل بينها وبين القرية المجاورة معلم معين، ومعروف منذ القدم بأن القريتين منفصلتين من حيث المسمى، ولكل قرية كينونتها بالرغم من وجود الصلات الأسرية والمصالح الاجتماعية المشتركة بينهما، وشاع بين العامة مسمى واحد لتلك القريتين، فبلا شك يكون هناك نسيان وطمس لمسمى القرية الأخرى؛ وبذلك ينظر إليها كأنها قرية واحدة وتكون في طي النسيان، وقد لا تجد لها أية بيانات إحصائية لأي مشروع تعدادي، ولم تحظ بأي مشاريع.
كما يلاحظ من خلال هذه الإشكالية توسع امتداد بعض القرى على حساب قرى أخرى، وتكون النتيجة سلبية في حق استحقاق الأراضي حيث تُغلّب المصلحة للاستحقاق لتلك القرية التي سميّت تلك المخططات باسمها، أو وسع امتدادها على حساب القرية الأخرى فتعطى الأولوية لهم، ولا يحق لأصحاب القرية التي تم استقطاع جزء من أراضيها لتوسع القرية التي تم زيادة امتدادها مما يخلق مسألة اجتماعية أخرى، وانتقاد للجهة المسؤولة عن التخطيط العمراني، وينظر لتلك القرية التي تم تقليص مساحتها أنها ضمن القرية المجاورة لها وتفقد كينونتها ومسماها المعروف منذ القدم.
بالإضافة لما تم الإشارة إليه فإنه من الملاحظ أيضاً تأثير ذلك على مسميات المشاريع، وخطابات الجهات الرسمية، فتجد أن اسم المشروع لا يتطابق من حيث الواقع مع الاسم الذي تم اختياره له، فيعطى اسماً مختلفاً عن موقعه الجغرافي الحقيقي، وكما نلاحظ أيضاً عدم ذكر مسميات بعض القرى في الخطابات المتعلقة بأي عمل لإحاطة الأهالي علماً به وبشكل متكرر، وربما بعض الجهات تجهل مسمى المكان وتطلق اسماً في خطابها حسب نظام خرائط جوجل دون الرجوع لأصحاب الشأن العارفين عن اسم ذلك الموقع، وهنا أذكر مثالاً واحداً للاستدلال على ذلك الواقع، حيث لفت انتباهي وصول رسالة رسمية من مكتب الوالي لمخاطبة المشايخ والرشداء لإعلام الأهالي بمشروع عملية فحص مسار خط النفط الرئيس بتقنية الطائرة بدون طيار من وادي محرم إلى ولاية سمائل، فهنا أتساءل إذا كانت الجهة الطالبة بالإبلاغ عن مسار المشروع جاهلة بالمسميات فهل المعنيون بالأمر بالولاية لا ينتبهون لمثل هذه الأخطاء، حيث إننا نعلم جميعاً بأن مسار خط النفط لا يمر بوادي محرم بولاية سمائل.
ناهيكم عن إطلاق بعض المسميات على المشاريع الخدمية بأسماء ليست في موقعها وتكون ضمن سجلات المشاريع المحسوبة المنفذة لتلك القرية المطلق اسمها عليه وهي في الواقع مغايرة عما عليه!، ويكون أثرها على خطط المشاريع التنموية.
لهذا فإننا نناشد الجهات المعنية بالأمر بالإسكان والتخطيط العمراني ومكاتب المحافظين والولاة والمجالس البلدية ومن في حكمهم الانتباه لهذا الأمر، والرجوع للأهالي أصحاب الخبرة والمعرفة بمسميات المواقع والقرى والمعالم، لتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء، والاهتمام بتوزيع استحقاق المشاريع التنموية حسب الواقع الجغرافي وليس بالاعتماد على المسميات الواردة من الجهات المعنية التي اعتمدت بعض المسميات وفق معطيات برنامج جوجل لتحديد المواقع، أو وفق مرئيات الشركات التي تقوم بالمسوحات وإعداد مستندات المشاريع التنموية.