ابق قويًا “من واقع تجربة” في إحدى مستشفيات السلطنة

مزنة بنت سالم الجابرية
كان قد ترسّخ في ذهني أن السرطان مرض لا شفاء منه، وأنه إذا دخل جسم الإنسان فإنه لا يغادره حتى الموت؛ وإن غاب، فلا بد له من عودة؛ كنت أظنه مرضًا خبيثًا يصيب الجسم فيرهقه، والنهاية الحتمية لهذا المرض محصورة بين استجابة الخلايا للعلاج من عدمها؛ التخلص منه بدا لي أمرًا مخيفًا محفوفًا بالألم، الذي يصعب وصفه أو تحمله. بدا لي الشفاء منه أعجوبة لا تتحقق إلا بقدرة من الله تعالى، وزمن العجائب قد ظننت أنه انتهى؛ كان الشفاء منه أشبه بحبل مقطوع من الأمل.
السرطان، كما رأيته، يسلب راحة المرضى وعافيتهم، ولا يتمكن إلا ممن ضعفت أرواحهم، وهزلت أعينهم، وذبلت وجوههم، وعانوا حتى فقدوا الأمل في الشفاء؛ ورغم ذلك، عندما تنظر إلى هؤلاء المرضى، ينتابك شعور عميق بأن الله اصطفاهم بهذا الابتلاء لخير لهم. ربما كان تطهيرًا لأجسادهم، فوالله ما اختارهم إلا لحكمة يعلمها هو، فهم من أطهر البشر.
وفي حال توفي منهم أحد، فإنه يكون في نعمة عظيمة، إذ أن ما يصيبهم من نصب ولا هم ولا حزن، حتى من شوكة يُشاكها، إلا وقد كفّر الله بها عن خطاياهم. أما العلاج، فهو احتراق داخلي ينهش أجسادهم ويأكل عظامهم، نار تسري في أوردتهم، فأعانهم الله عليه.
هكذا هي الحياة؛ تؤلمنا لتعيد ترتيب أولوياتنا وتُذكرنا بأن الصحة هي أغلى ما يملك الإنسان؛ وهكذا يخوض مرضى السرطان معاركهم مع هذا المرض ليُثبتوا لأنفسهم أنهم أقوياء بما يكفي للتغلب عليه.
وقد لاحظت لدى بعض المرضى اضطراب الوسواس القهري، وهو غالبًا يبدأ عند الكبار في السن نتيجة الخوف من المرض أو توقف العلاج؛ ونصيحتي لكل من يُصاب بهذا المرض أن يلتزم بالعلاج ولا يفقد الأمل، وألا يلتفت إلى نصائح الآخرين التي يدّعون أنها الشفاء، وهي ليست كذلك.