عاشق من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
——-——————————
هي الأيام بجمالها ودورة الحياة فيها، والتي تمر على البشر بشهورها، وسنينها كل ذلك وهو يقف كجبلٍ صامد لم يفقد شيئاً من خصال الخير التي تطبّع، وأنشأ وأدّب نفسه عليها رغم قسوة البشر، وتغير الأنفس وجحود القريب قبل البعيد له؛ لكنه آثر أن يكون عاشقاً لسيرة نبيه وأخلاقه للأبد.
كبر وكبرت أحلامه نقيةً كنوايا نفسه الصادقة مع الجميع، بفطرته السوية المحبة للجميع، والطامحة لرؤية من حوله سعيداً، وقد ساهم في تخفيف عبء أو مواساة مكلوم أو تفريج كربة، فيداه ممدودتان للجميع أخ أو صديقاً، بعيداً أو قريبا، فهذا ديدنه وتلك سماته وأخلاقه.
في يوم جلست معه بعد أن صفعه أقرب الناس إليه بأفعال لا يستحق أن يجازى بها وقلت له: يا أخي غيّر سلوكك كفاك طيبة، طغت على كل مناحي حياتك فستسهل الناس نفسك الزكية ؟؟
فقال بكلماته المعهودة: أفلا أبقى على فطرتي السّوية، وليتغير الكون من حولي فلن أتغير، ولن أبدل جلدي بجلد ثعلب مكّار لأكون فاسداً منافقاً ومتملقا أو قاسياً، فأنا على طريقي الصحيح وليحيد من يحيد عن طريق الحق، فالكون سيبقى على كينونته، ومن تغير فلنفسه، وأمره إلى الله.
شاخ كل شيء وتغير الناس واستغلوا طيبته وهو على أخلاقه السّوية، عاشق لأيام الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهاجه العظيم.
لقد أنتهت الكلمات أمام ذلك الخُلق الرفيع، لكن لم ينتهِ وعظ أحمد لي؛ فلقد رأيت كل شيء يفعله غريباً في زمانٍ غريب، فهو يكرم الضيف، ويعين المحتاج والملهوف، ويبرُ بأرحامه، ويحفظ صديقه وأسراره، ويتمنى الخير للناس قبل نفسه، ويسعى في إصلاح النفوس وجمعها، وبذل ماله وحاله في سبيل الله، وبفرح كبير لم أجد لمثله نظير.
طهارة النفس كنفس أحمد تغيرت اليوم رغم كل النعم والخيرات التي نعيش في ظلالها، فإيمان المسلم لم يكن كعهده السابق، الكل يتسابق لمصالحه الدنيوية، والكل يتسابق لكسب المال والجاه والمراكز بشتى الوسائل بدون حساب لباطل أو مظلوم، فطغت على البشر الشرور، وتمنى البعض زوال النعم من البعض، وضعفت النفوس وهانت، ولكن ذاك الجبلِ الأشهم لم يتغير، فهو من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وما زال يطلب الرضى من الله عز وجل شامخاً بأفعاله وأعماله، مِقداماً في كل شيء، وما زال الناس من حوله يخطبون وده في كل شيء، وينسون أمره بعد إنقضاء مصالحهم لكنه لم يتغير، فالحياة علمته أن الدنيا مطية الآخرة، وأن أصل الحياة وأصل الأرض إعمارها على ما أمر الله من بر وخير وصلاح، وأن إفسادها فيه عقوبة عظيمة.
قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)}- سورة المائدة.
اليوم في شهر رمضان المبارك أتمنى لكل النفوس أن تقتدي بأحمد؛ لينتشر الخير بيننا وننعم به، وبتلك الأخلاق المحمدية السامقة؛ ليهتدي الكون بتلك الأفعال العظيمة وتقوي شكيمة المسلم بسمو أخلاقه وأفعاله.
حفظ الله الجميع، وأعاد الله علينا والأمة الإسلامية شهر رمضان المبارك والأمة الإسلامية ترفل في ثوب العز والفخر وقد شفيت من السقام والمحن، وتبدل حالها إلى الرخاء والخير بإذن ربها.
# سناو
الإثنين : ٢٧ -٩ -١٤٤٢ للهجرة
الموافق ؛ ١٠ – ٥ -٢٠٢١ للميلاد