سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

المسؤولية المجتمعية ضرورة عصريّة

د. رضيه بنت سليمان الحبسية
استاذ مساعد بقسم التربية والدراسات الإنسانية
كلية العلوم والآداب- جامعة نزوى

أطلقت المنظمة الدولية للمعايير المعروفة بالأيزو (ISO) في نوفمبر 2010م، معيارًا دوليًّا ISO 26000، يُقدّم إرشادات في المسؤولية الاجتماعية (SR)، من شأنه أن يُساهم في التنمية المستدامة العالمية، من خلال تشجيع الأعمال التجارية والمنظمات الأخرى على ممارسة المسؤولية الاجتماعية لتحسين تأثيرها على أعمالهم وبيئاتهم الطبيعية ومجتمعاتهم.

ومن منطلق هذا التوجه العالمي، نستطيع القول بأنّ مساهمة المؤسسات الوطنية في تحقيق التنمية المستدامة ضرورة لازمة، وعصريّة في إطار الأنظمة والقوانيين المؤسسية المحلية والدولية، وتزداد حتميتها بتطور الأزمنة والعصور، بما لا تُؤثر سلبًا على حياة البشرية.

إنْ كان التسليم بحاجة المجتمعات على اختلاف درجة تحضرها، امتلاكها للموارد الطبيعية، أو تبوأها للمراكز المتقدمة في مجالات الحياة المختلفة؛ للمساهمة المجتمعية من قبل مواطنيها، ومؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية في ظل الظروف الممكنة والمستقرة، فإنّ حاجتها باتت مضاعفة لاستمرار العطاء واستدامته في ظل الظروف الاقتصادية المعاصرة من تأثيرات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، التي ألقت بأعباء مالية باهظة على الحكومات، والمتوقع امتداد آثارها على المجال التنموي سنين طوال إلى ما بعد الأزمة.

إنّ نجاح وتميّز العديد من الدول الغربية في تحقيق القدرة التنافسية عالميًّا، لم يكن بجهود حكوماتها مستقلة بالدرجة الأولى، بل تتعدى ذلك إلى جهود مجتمعية حقيقية للنهوض بتلك الدول سواء على مستوى الأفراد والجمعيات التّطوعية، أو الشركات العظمى التي أخذت على عاتقها مسؤولية البناء والتعمير والتطوير لمجتمعاتها. والأمر ليس وليد الصدفة، أو لغاية الحصول على دعم حكومي، أو جوائز وطنية أو عالمية، إنمّا لشيوع الفكر التّطوعي، العمل التعاوني، بل وأكثر من ذلك، ليبلغ مقام المساهمة الاجتماعية الشاملة.

والمتتبّع لجهود كثير من المؤسسات المجتمعية، على تنوع أنشطتها، وقوة مصادرها، في سعيها لتفعيل بند المساهمة المجتمعية، يجد أنها حالات متباينة من حيث المجال الذي تُركّز عليه، واستدامة مشاريعها التّطوعية لخدمة المجتمع، والتّعاون القائم على رؤىً مستقبلية تتوافق ورؤى الدولة. وهنا يأتي دور البحث العلميّ لدراسة واقع تلك المساهمات وفق مشاريع بحثية؛ لاستشراف مستقبل هذا المجال المهم، والذي يُعَوّل عليه الكثير في الارتقاء بحاضر المجتمعات، وصولًا بها إلى مستقبل قادر على التّكيف والبقاء، والنمو في ظل التنافسية العالمية، والمتغيرات الحياتية، وتقلبات السوق.

ختامًا: استنادًا إلى ما يمكن أن يحققه تبنّي وتفعيل المسؤولية المجتمعية فكرًا وممارسةً، من نتائج في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية البيئية الشاملة، فإنه يتعين على الأفراد والمؤسسات الأخذ على عاتقهم مسؤولية تطوير وتجديد المساهمة الاجتماعية بما يتناسب والعصر الحديث؛ لبناء وازدهار المجتمع في مختلف المجالات التنموية، كالقطاع الصحي، التربوي والتعليمي، الاجتماعي والبيئي، الترفيهي والسياحي، وغيرها.

فبقدر سعي الحكومات للنهوض بمكونات المجتمعات، والوصول بها إلى مراتب الدول التي حققت الصدارة في مجالات الحياة المختلفة، فإنّ على عناصره البشرية والمؤسسية العمل على تكاتف الجهود مع حكوماتها؛ للتعاون في تحقيق غاياتها وتطلعاتها المستقبلية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights