مقال: إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
ثرياء قاسم
هذه الأرزاق وتلك هي عبارة عن نعم أنعم الله عزوجل بها على خلقه هو المنعم والوهاب والرازق ومقسم الأرزاق.
يستوقفني كثيراً ما أسمعهُ في بعض الجلسات والمحادثات عندما يتحدثون عن فلان صاحب المنصب الكبير والخير الوفير، أوعن فلان الذي أصبح مشهوراً ويشار له بالبنان، أو ذاك الذي يمتلك أروع بنيان وقد لونهُ بأبدع الألوان ، وهذا الذي صار إسمهُ يرن في الآذان، وتلك التي توظفت ، وأخرى التي تزوجت ، وتلك التي قد رزقت .
هي أرزاق صيرها رب العُلى لإصحابها، وقسمها فيما بينهم بحكمة هو أعلم بها، وتجد أن هنالك فئة من البشر لا تمتلك غير الوقت الفارغ الذي تملؤه بالكلام عن فلان وعن أرزاقه ، أو عن علان الذي يمتلك ما لا يمتلكهُ فلان ، وحتى عن زيد الذي سافر إلى أبعد البلدان، وحتى عبيد الذي لم يذهب إلى أدنى مكان ، وهكذا دواليك شغلهم الشاغل أرزاق الناس والتحدث فيها أمام الآخرين بطريقة سيئة أو قد تكون مستنكرة لما هم عليه من أحوال ، وينتقون النعم التي أنعم الله بها على من شاء من عباده ويغبطونهم عليها بطريقة كلامهم وقد يصل بهم الأمر إلى إستنكار هذه على أصحابها وإستكثارهم عليها.
قد تصل ببعض هؤلاء الوقاحة أن يوجهوا كلامهم الجارح إلى أصحاب تلك الأرزاق، دون مراعاة لمشاعرهم أو ما يختلج في نفوسهم، وحتى ما يعانون منه في لحظات حياتهم ، لا تعمل تلك الفئة كل الخبايا ولم تسبر أغوار النفوس البشرية لكي تعلم ما تعانيه، أو تجترحه من أحاسيس لأمور كثيرة قد تنقصها أو قد تحتاج إليها، فنحن لا علم لنا بالغيب ، ويجب علينا أن ندع الخلق للخالق ، أن نفرح لفرحهم فيفرحنا رب العالمين بأفراح تسعد قلوبنا ، وأن نسعد لسعادة الآخرين وتعبر عن سعادتنا بهم بأسلوب راقي يليق بكوننا مسلمين، لتعم السعادة قلوب الجميع وتغمرها بإذن الله عزوجل.
قال حبيبنا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخية ما يحب لنفسه» صدقت يا شفيعي يا حبيب الله، من هنا نعلم لإن الحسد هو فعل يحب أن يجتث من مجتمعاتنا المسلمة المؤمنة بالله ورسوله، الموقنة أن كل ما يمر بنا من أحداث إنما هي بتقدير رب الأقدار، وكل النعم التي أنعم الله تبارك وتعالى بها علينا إنما هي مقسمة من عند عليك حكيم ، ويتوجب علينا سكر تلك النعم ، والصبر على فقدانها فلقد قال الصادق الأمين عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم « عجباً لأمر المؤمن ، ان أمره كله له خير وليس ذلك لأحد الإ للمؤمن، إذا مسته سراء شكر فكان خير له، وإذا مسته ضراء صبر فكان خير له».
يجب علينا أن نتخلص من ذلك الغل الذي يملوء بعض القلوب أو يملوء قلوبنا بين حين وحين على إخواننا وأخواتنا المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وأن نطهر عقولنا ونتنزه بها عما قد يؤثر في معتقداتنا ومبادئنا التي ترتكز على الحب الخالص لوجه الله عزوجل ، فلو أشتغل كل فرد بما يصلح به شأن دينه ودنياه، لإختفت هذه الظاهرة التي يحاربها ديننا الحنيف، والتي من المفترض أن لا تكون موجوده في القلوب العامره بذكر الله عز وجل وحبه وحب رسوله الكريم.
هلموا بنا إلى الجنة بحبنا الخالص لوجه الله ونيتنا السليمة المعافاة من كل حسد وغل، معاُ نكون مؤمنين كل فرد منا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، بل يقدمه عليه ليقدمه رب العلا في الدنيا والآخرة.