ما فهمته ، ليس ما قصدته !!!
هلال بن حميد المقبالي
قرأت منذ فترة عبارة ” معظم مشاكلنا بين الفهم والقصد ” حينها لم أقف كثيرًا عندها، ولم أتمعن في مضمونها، فكانت لدي مجرد جملة عابرة قرأتها و انتهى الأمر، حتى وقعت في فخ الفهم و القصد، وحينها تذكرتها َلكن بعد مرارة الألم والحسرة، وانكسار الذات…
من خلال سيناريو الحياة، و التعايش مع الناس تحدث للواحد منا عدة مواقف سواءً على مستوى الأسرة، أو أفراد المجتمع، في البيئة الدراسية أو العمل أَو حتى في محل تجاري أو أي موقع كان، قد تكون هذه المواقف وقتية للبعض، وعادية للبعض الآخر، و ربما تكون مصيرية للبعض، تحدث بسببها خلافات و مقاطعات طويلة الأمد، في بعض الأحيان تطال حتى الابناء إذا كانت بين أفراد الاسرة، والسبب ربما يكون سوء فهم من طرف دون آخر، نتيجة عدم فهم أحدهما ما قصده الآخر، ففسره على رؤيته وفهمه البعيد كليًا عن المقصود، و قد يكون الاستعجال في الحكم على تصرف الآخر بعكس المقصود سببًا آخرا، لتنشأ لدى البعض مشكلة بدون إدراك، ويبدأ بالرد الغير محترم و بعبارات وكلمات غير لائقة، وربما تصل لأكثر من القذف بالكلام، فكم من المشكلات ولدت من مثل هذه المواقف!.
إن ما قصدته أنا ليس ما فهمته أنت، بيئة خصبة لخلق المشكلات، وربما يدخل فيها أحد شياطين الأنس -ربما يكون من أقرب الأقرباء – مؤججًا الموقف، ومهولاً الأمر، و مشوهًا مقصد الآخر فتطول الأمور وتخرج عن مسارها، وتزداد فجوة الخلاف القائم والذي سببه عدم فهم القصد سواءً قولًا أو تصرفًا خاطئ بقصد أو بدون قصد، سيجد الطريق ممهدًا لخلق مشكلة ما، و ربما البعض يفهم القصد بعد هدوءه و انزياح فترة غضبه، فيندم على ذلك، ويعود لصوابه، و يعتذر على سوء فهمه -إذا لم يجد شيطانًا يزيد من وطأة الأمر-، و لكن بعد ماذا بعد تهجمه للآخر بأوقح عبارات التجريح، وبذاءة الكلمات التي جرحت القلب وكسرته؟.
بسبب هذا الوضع، زادت الخلافات في العمل وبين الأحباب والأصدقاء، وحتى في الأسرة الواحدة، وربما في البيت الواحد بين الأخوة والأخوات، وطالت بهم الأيام في تبادل الكلام وتجريم الآخر، وتشويه سمعته بين الآخرين، وإظهار عيوبه ونقل ما لا يليق عنه، وكأنها حرب مستعرة بينهما.
” معظم مشاكلنا بين الفهم والقصد” عبارة رسخت المعنى ” إن ما فهمته أنت هو ليس ما قصدته أنا “، و للأسف الشديد بعضنا، يستمع ليرد، لا يستمع ليفهم، ولو انتهجنا مبدأ إذا لم تفهم قصدي اسألني، ليُزال سوء الظن بالآخر وحينها ستزول أغلب خلافاتنا إذا لم تكن كلها …!!!