2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

أهمية دور الأسرة في تربية النشء

خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي

الأسرة هي أحد أهم العناصر الموجودة في المجتمع، وهي الكيان الاجتماعي الذي يربط أفراد الأسرة ببعضهم، وتعتبر منبع الأمان والاستقرار لبناء جيل ومجتمع صالح. فإذا كان الفرد هو اللَّبِنة الأساسية في بناء المجتمع، فإن الأُسرة هي الخليَّة الحيَّة في كيانه، والفرد جزء من الأُسرة؛ يأخذ خصائصَه الأُولى منها، وينطبع بطابعها، ويتأثَّر بتربيتها؛ قال تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 34].

وتعتبر الأسرة هي أقدم مؤسَّسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان، وما زالَت الأسرةُ في المجتمعات المختلفة هي مصدر التربية والمعرفة بالنسبة لأبنائها، وهي العماد والركيزة التي تبنى عليها قاعدة تربية النشء، وقد أدَّى تطور الحياة البشرية واستقرار الإنسان وبِناء المجتمعات المدنية والقروية وتعدُّد أنواع المعرفة البشرية وتنوع الثقافات نتيجة التقدم العلمي والانفتاح على العالم الخارجي إلى أن تشارِك الأسرةُ عواملًا أخرى ومؤسسات تعليمية وتربوية في واجب الرعاية، والاهتمام، والتربية، والتوجيه. وتخلَّت الأسرةُ عن بعض ما كانت تقوم به، ورغم ذلك تظلُّ الأسرة هي المؤسسة الأولى في حياة المجتمع الحديث أيضًا في التربية مهما كانت المبررات والأسباب.

فمن المسَّلمات التي نؤمن بها يقينًا بأنه لا مناص منها؛ أنَّ صلاح الأسرة هو الأساس في صلاح الفرد، وإذا صلح الفرد صلحت الأُسرة، وصلح المجتمع؛ فالأسرة هي التي يتشرَّب منها الفردُ العقيدةَ والمبادىء والأخلاق، والأفكار والعادات والتقاليد، والتي تسهم إسهامًا كبيرًا في إعداد وبناء النشء، وبالتالي يجد البيئة المناسبة له للاقتداء .. وينتج عنه مجمتع راسخ البناء يشكل الصورة الحقيقية لثقافة الدولة التي ينتمي إليها كل من يعيش عليها، وهي بمثابة الرسالة للعالم الخارجي لعدة دلالات تُبنى عليها علاقات التقارب والتعايش وجني الفوائد الجمة في شتى نواحي الحياة التي تخدم المجتمع بأسره وتعزز من مكانته.

كما أن النشء له حق صون الفطرة عن الزَّلَل والانحراف، واعتبر الإسلامُ الأسرةَ مسؤولة عن ذلك، واعتبر أن كلَّ انحرافٍ يصيبُها مصدره الأول الأبوان، أو مَن يقوم مقامهما من المربِّين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مولودٍ إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تحسُّون فيها من جدعاء؟))؛ (صحيح مسلم).

ولتحقيق الأثر التربوي أيضًا؛ علينا أيضًا أن نضع نصب أعيينا بأن ينشأ الطفلُ ويترعرع في بيتٍ يتصف بالتوازن في التعامل، ومحافظًا على كل المبادىء والقيم والأخلاقيات والقواعد الدينية التي ينتمي إليها، وبرغبة أكيدة في التعايش مع مفرداتها وكل تفاصيلها بمنهج القدوة، فيتعلم بل ويقتدي بذلك من غير كبيرِ جُهد أو عناء؛ إذ يمتصُّ عادات أبويه بالتقليد، ويقتنع بعقيدتهما الإسلامية وسلوكهما التعايشي مع الآخرين في التعامل حين يصبح واعيًا. كما ينبغي على الأسرة أن تسعى إلى تحقيق السكون النفسي والطمأنينة والمحافظة على كيانها؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189].

فمن هنا تكمن أهمية دور الأسرة وصلاحها في تربية النشء، فهي القاعدة والركيزة التي يكبر ويتعلم فيها كل شيء حتى يكون إنسانًا صالحًا سويًا لأسرته ومجتمعه ووطنه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights