مرايا نوفمبرية ..
د. مصبح بن علي الكندي
أطلّ علينا شعاع الثامن عشر من نوفمبر من جديد، فهو حدثٌ تاريخيّ يستجمع فيه العمانيون منجزات الوطن الغالي، يتنفس فيه من رئة التلاحم التاريخية التي سطّرها الأجداد وقادها الأفذاذ. كلمات الشكر والعرفان لا نستطيع التعبير عنها، ولا حتى تصوير مناخها الذي سحر النفوس والقلوب، إنها عظَمة نوفمبر، واللُّحمة التي يلتقي فيها كل عمانيّ، ليسطر أمجاد روح التعاون بالجسد والروح والدم، ليعرب كل عماني عن منجزات الوطن الغالي، فمنذ أن تسلّم مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الحكم، ليعلن للعالم أن مرحلة قادمة تحمل بين جنباتها رياح التغيير، كل يوم تشرق فيها شمس عُمان تسمع عن منجزات قادمة، فمسيرة التقدم لا تتوقف، وعجلتها تدور لا تنصدم بما حولها، فالعالم يعيش في حاضر ومستقبل مشرق جسّده الماضي بكل عراقته، روى الأجداد في كتبهم وفي أسواقهم وفي عرصاتهم ملاحم تاريخية، لينعم العمانيّ برياح المجد ورياح الماضي التليد.
إن تاريخ عمان الماضي حمل إلينا فنون العزة والكرامة، لنفتح مسيرات الخير التي تمرّ بعُمان في هذا العهد الزاهر. رأينا التعليم يستمر في خطواته وتقدمة خلال العيد الوطني الرابع والخمسين، ما يزال التعليم يشق طريقة نحو الأمام في ظل إرشادات ومتابعة الحكومة الرشيدة من أجل النهوض بعمان ورفعتها وتقدمها، فمع حلول الثامن عشر من نوفمبر تزدهر عمان بمشاريع عملاقة يعلن عنها لتواكب المسيرة المظفرة التي يقودها عاهل البلاد حفظه الله ورعاه، وما زالت مسيرة البناء مستمرة، فبناء المدارس الحديثة بكل المستويات ووسائل الراحة والرفاهية والتقدم في ظل مستلزمات الحياة والعصر الحديث، كما لا ننسى القطاعات الأخرى حيث التقدم نالها مثل باقي القطاعات، فالقطاع الصحي وبناء المستشفيات الحديثة التي تحرص عليها الحكومة للنهوض بها وأداء عملها وواجبها الوطني من أجل بيئة صحية. أما على الجانب العسكري: فدور قطاعاتها وتشكيلاتها دور عظيم في حماية مكتسبات الوطن، كما أن دور شرطة عمان السلطانية دور عظيم في حماية مكتسبات الوطن جنباً إلى جنب مع باقي القطاعات في البلاد لحماية أمنه واستقراره وحماية مكتسباته ومواطنيه، ولا ينكر دورها في ذلك، فبناء الوحدات بكافة قطاعاتها مبنيّ على ازدهار الوطن وتقدمه، وتزويد هذه القطاعات بكافة ما ينهض بعملها وتقدمها من أجل عمان العزة والكرامة. وتنعم عمان بسمعة طيبة بين بلدان العالم من حيث الانحياز إلى نصرة المظلوم وعدم التدخل في شؤون الآخرين، مما جعلها ذات سمعة طيبة، زادها فخراً وعزاً اهتمام حضرة صاحب الجلالة بتطويرها وتأهيلها براً وبحراً وجواً والكل يشهد على ذلك.
إن تاريخ عمان الحضاري مشرّف ومشرق، فقطاع العدل أخذ حظه من التطوير وسرعة الإنجاز في معاملاته، فضلاً عن التقدم في إستخدام التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع قطاعات الدولة الخدمية وغيرها، كما نجحت على مزج الحضارة القديمة والحديثة، وذلك في قطاع البلديات والبيئة والطرق وغيرها، وإنشاء مرافق الحياة من طرق وغيرها، والتطلعات المستقبلية التي تحظى من لدن جلالته من اهتمام لدورها المهم في إبراز واجهة عمان بحلّة جديدة، فضلاً عن التطور في إبراز جماليات المدن والحفاظ على نظافتها العامة، ونشر اللون الأخضر في كل مدن عمان.
إن التقدم الذي يحفزه التخطيط السليم في الوطن الغالي دليل على التوجه السليم وقدرة العمانيّ على العمل ومواكبة التطور المستمر من أجل عمان ومن أجل سعادة الإنسان العماني. هناك من يعمل بصمت، نوجّه لهم الشكر الجزيل، ونسأل الله أن يكلل مسعاهم إلى طريق السعادة والتقدم.
حفظ الله عُمان وشعبها وسلطانها من كل مكروه.
إن شعب عُمان شعبٌ أبيٌّ قاد حضارة عريقة منذ القِدم، بدأها الأجداد بمجد عريق لا يتسع المقال لذكره، ثم قادها باني عُمان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس طيّب الله ثراه، وتسلّم الراية بعد ذلك عاهل البلاد المفدّى وسلطانها ومجدد عزّها وعزمها نحو التقدم، السلطان هيثم بن طارق إلى المجد التليد، فقد وعد وأنجز وهو في طريقه نحو التقدم في جميع مجالات الحياة، وكثيراً ما نسمع عن إنجاز جديد في جميع قطاعات الحياة، وخاصة في قطاع الأمن والطرق والتعليم والعدل والصحة، فهي تتقدم إلى الأمام بفكر عميق يحمل الرفاهية لعمان، وإن العمانيّ لَيسعد بهذا التقدم، فعلينا أن نكون يداً فاعلة وقادرة على تحمّل المسؤولية معاً، وحمل الأمانة جنباً إلى جنب، فإن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها البررة، ومع التحديات التي يمرّ بها العالم العربي والغربي حولنا، نطالب الجميع بالتكاتف والتعاون والحفاظ على المكتسبات والمنجزات سابقاً وحديثاً في عهد النهضة المباركة.
إن التفريط بجزء من عمان ومنجزاتها هو التفريط بعينه بعمان وترابها الغالي، ونعتقد أن العماني هو ذو نظرة ثاقبة في التعامل مع المجريات والأحداث.
لقد وعدت عمان العالم بعدم التدخل في شؤون الغير، من أجل بناء مستقبل وحضارة عمان العريقة، لننال شرف البقاء والاستمرار والبعد عن التدخل في حياة وشؤون الآخرين، بل نسعى إلى مدّ جسور التعاون ومساندة الآخرين في توجهاتهم، وما تصبو إليه شعوبهم.
إن المتأمل في مسيرة عمان منذ الأزل سيجدها تتابع بكل ثقلها السياسي والفكري ما يدور في العالم، وتحاول بكل ما تستطيع لبناء أوطان تنعم بالاستقرار وإسعادها ودورها معلوم للجميع، ولا ينبع هذا الفكر إلا من إنسان كريم يحمل صفات المحبة والسعادة له ولغيره.
إن مشاركة عمان في المحافل العالمية جميعها سلمية، تطالب باحترام الشعوب واستقرارها لهو دليل على بصيرة العمانيين الثاقبة، وبمستقبل الجميع وليس مستقبلها منفرده. ومناشدة العالم بحل المشاكل بدون حروب أو إبادة لإرادة شعب، والمشاركة في تطور العالم والبعد عن النكبات، وطلب العيش الكريم من غير أن يزعزع السلام والأمن العالميين، هو شعور يبهج النفس.
لقد عملت عمان على استباب الأمن في ربوعها وربوع الأوطان الأخرى من أجل عالمٍ خالٍ من المزايدات على راحة الشعوب وأمنها واستقرارها وسفك دمائها وحرمانها من أوطانها ومقدّراتها متمثلاً ذلك في التعاون على العدل والقيم والأخلاق وإرسائها، لَدليل على محبة العمانيين لإخوانهم في كل مكان.
وأخيراً نحيّي الشعب العمانيّ وسلطانه الأبيّ وكل من على أرض عمان الغالية، ومع حلول اليوم الثامن عشر من نوفمبر المجيد، جعل الله عمان والبلاد العربية والإسلامية والعالم أجمع في عزة وكرامة، وأن يحفظ عمان وشعبها وسلطانها، وأن يكتب لنا الأمن والسلام في ربوع العالم.
وفقكم الله إلى ما يحب الله ويرضى، وتحية عطرية نوفمبرية.