عندما تتلاشى اللحظات…
ميمونة بنت علي الكلبانية
رحلت إلى ربها راضية مرضية بإذنه تعالـى، رحلـت رفيقة عمري ورفيقة دربي زينب رحلـت صديقتي، ورحل الجزء الجميل من روحي برحيلها، ورحلـت معها قطعة من قلـبي.
كيف لي أن أمنح نفسي ذاك الرضا بالقضاء والقدر، اللهم لا اعتراض، هل أعاتب نفسي أم أعاتبك؟! جلست أقنع نفسي: ألا تريدين صديقتك مرتاحة آمنة مطمئنة، وراحة لها من كل شر؟ هي كذلك، كان الموت راحة لها من كل شر، قد نعيد شريط الذكريات للوراء لنستعيد ما فقدناه، وقد نتربع في ذاك الماضي حيناً من الزمن ليشفي شيئاً من علل القلب الذي أدماه الفراق، وقد نهدأ قليلاً بعد عواصف الذكريات المؤلمة؛ لنرسو عند بر الأمان لنرضى بأن الرحيل لا يستأذن أحداً.
أختي وصديقتي، من شاركتني اللحظات السعيدة، ولحظات الألم منذ أيام الجامعة إلى آخر لحظات عمرها، جاءت لتودعني بالوداع الأخير ولم أكن أعلم أنه آخر يوم لي لرؤيتها. أخذتني لمشوار قصير وأخذنا نستمتع بلحظات الجميلة، وأخذتنا السوالف والضحكات وممرنا لمحل الزهور، وذهبنا لشرب القهوة، والتقطنا بعض صوره التذكارية لكوب القهوة مع وردة حمراء جميلة كجمال قلبها، ولم نحس بمرور الوقت وعدنا، وظلت بينا المحادثات والاتصالات، وبعد مدة وصلني خبراً كالصاعقة الكهربائية، صديقتك زينب طريحة الفراش بالمستشفى وفي حالة صعبه بالعناية المركزة، لعدة شهور ظلت حبيبتي تكافح المرض وتصارعه ونحن ليس بيدنا أي شيءٍ، فقط نذكرها بالدعوات ونكررها، “شفاك الله حبيبتنا زينب”. لقد منعت الزيارة عنها في تلك الفترة،لقد سمح لزيارتها فقط الأقارب من الدرجة الأولى؛ لأنه لم تكن تملك أي مناعة في ذلك الوقت.
وفي شهر نوفمبر، بتاريخ الرابع والعشرون ذهبت إلى جوار ربها راضية مرضية. اللهم ارحمها بقدر شوقي لـها، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة، الـلـهم تغمدها بواسع رحمتك واسكنها الـفردوس الأعلـى من الجنة.
يا رب إن صديقتي الحبيبه تنام في ظلمة قبرها وحيدة فكن لـها أنيساً في وحشة الـقبر، وأرها مقعدها في الجنة، وأنر قبرها بنورك الـكريم يارب العالمين.
اللهم ارحم فقيدتي واغفر لها وارفع درجاتها، واجمعني بها يارب في جنة النعيم. الموت حقٌ على كل حي، أكرّر: الـلـهم لا اعتراض على مشيئتك. أعرف أنها أعمار ولكل أجل كتاب.
الـلـهم ارحم صديقتي فقيدتي، وعوّضها عن كل يوم تألمت فيه في الدنيا، اللهم اجعل ذكرها لا يخبو ولا ينقطع، وسخر لـها الـدعوات الصالحة ما دامت الحياة.
لا أحد يفهم معنى الـوداع إلا من جرب كلمة «عظم الله أجرك»، الـلـهم ارحم فقيدتي واعفُ عنها وأكرم نزلها، ووسع مدخلها ونقها من الـذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.